الحجة الثالثة : قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين ١٥] ذكر كون الكفار محجوبين عن الرب سبحانه وتعالى فى معرض التحقير لشأنهم. وهذا يقتضي أن يكون المؤمن المعظم مبرأ منه.
الفصل السادس
فى
حكاية شبه المعتزلة فى انكار الرؤية والجواب عنها
اعلم : أنهم يتمسكون بوجوه عقلية ، وبوجوه نقلية.
أما الشبه النقلية فأربع :
الشبهة الأولى : التمسك بقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) [الأنعام ١٠٣] اعلم أنهم تارة يتمسكون بهذه الآية فى بيان أنه تعالى لا يراه أحد ، وأخرى فى بيان أنه يمتنع أن يراه أحد.
أما الوجه الأول : فتقريره أن نقول : الادراك المضاف الى البصر هو الرؤية والابصار ، بدليل : أنه لا يصح اثبات أحدهما مع نفى الآخر ، فلا يصح أن يقال : رأيته وما أدركته بعينى ، وأن يقال : أدركته بعينى وما رأيته. وهذا يدل على أن ادراك البصر والرؤية شيء واحد. اذا ثبت هذا فنقول : انه تعالى نفى أن يدركه أحد من الأبصار. وهذا يتناول جميع الأبصار فى جميع الأوقات. وذلك يقتضي أن لا يراه أحد فى شيء من الأوقات.
واما الوجه الثانى : فهو أنه تعالى يمدح نفسه بأنه لا يدركه شيء من الأبصار ، وكل ما كان عدمه مدحا كان وجوده نقصا. والنقص على الله تعالى محال. فوجب أن تكون الرؤية ممتنعة على الله تعالى.