المسألة العشرون
فى
بيان أن كنه حقيقة الله تعالى
هل هو معلوم للبشر أم لا؟
والكلام فيه مرتب على فصلين :
الفصل الأول
فى
أن العلم بالكنه هل هو الآن حاصل أم لا؟
قال الكثيرون من المتكلمين : هذا العلم حاصل. وقال جمهور المحققين : بأنه غير حاصل. وهو المختار. ويدل عليه وجوه :
الحجة الأولى : ان المعلوم منه ليس الا الوجود ، والصفات السلبية ، والصفات الاضافية. والعلم بهذه الأمور مغاير للعلم بالذات المخصوصة والحقيقة المخصوصة. فوجب أن لا يكون العلم بالحقيقة المخصوصة حاصلا. انما قلنا : ان المعلوم ليس الا الوجود والسلوب والاضافيات. وذلك لأنا اذا استدللنا بوجود الممكنات على وجود واجب الوجود ، علمنا : أنه موجود. وما وراء ذلك فهو من باب الصفات. مثل : أن نقول : انه واجب الوجود. ومعناه : أنه الموجود الّذي لا يقبل العدم. ونقول : أنه قديم. ومعناه : انه كان موجودا من الأزل الى الآن. ونقول : انه أبدى. ومعناه : انه موجود من الآن لا الى آخر ونهاية. ونقول : انه ليس بجسم ، ولا بجوهر ، ولا فى مكان ، وليس له ضد ولا ند ، وكل ذلك سلوب. ونقول : انه قادر ، أى أنه يصح منه الفعل والترك ونقول انه عالم أى أنه يصح منه ايقاع الفعل على وجه الاحكام. ونقول : انه مريد ، أى أنه يصح منه ايقاع الفعل على سبيل التخصيص. وكل ذلك اضافات.