الخبر القائم بالنفس ، معنى مغاير للعلوم والاعتقادات ، ومغاير للقدر والارادات. وذلك هو المراد من الخبر القائم بالنفس.
وانما قلنا : ان هذا الحكم الذهنى ليس من جنس العلوم والاعتقادات : وذلك لأنى حال ما أكون عالما بأن العالم ليس بتقديم ، يمكننى أن أقول فى الذهن : العالم قديم. وذلك لأن الذهن كما يمكنه تركيب القضايا الصادقة ، فكذلك يمكنه تركيب القضايا الكاذبة. والقضايا الكاذبة الذهنية يكون ذلك الحكم الكاذب فيها حاصلا فى الذهن ، والعلم بها والاعتقاد فيها غير حاصل. فههنا الكلام فى القضايا الكاذبة التى يكون كذبها معلوما ، حصل الحكم الذهنى ، ولم يحصل العلم والاعتقاد. وهذا يدل قطعا : على أن الحكم الذهنى ، مغاير للعلم والاعتقاد.
فان قيل : هذا الحكم الذهنى عبارة عن فرض يفرضه الذهن ، وتقدير يقدره.
قلنا : هب أن الأمر على ما قلتم ، الا أن هذا الفرض وهذا التقدير ، ليس من باب العلوم والاعتقادات ، ولا من باب القدر والارادات ، فكان معنى مغاير لها. وهو المطلوب. وذلك لا يختلف بأن سميتموه فرضنا وتقديرا ، أو لا تسمونه بذلك. فثبت بما ذكرنا : أن الطلب الذهنى مغاير للارادة ، وأن الحكم الذهنى مغاير للعلم والاعتقاد.
ومن أنصف : علم أن هذا التقدير والتلخيص لم يتيسر لأحد ممن تقدمنا.
الفصل الثانى
فى
اثبات كونه تعالى متكلما
اعلم : أن الأمة متفقة على اطلاق لفظ المتكلم على الله تعالى ، الا أن هذا الاتفاق ليس الا فى اللفظ. وأما المعنى فغير متفق عليه.