الأمر كذلك ، كان وجود الله تعالى متقدما على تقرير تلك الماهيات ، لوجوب تقدم المؤثر على الأثر. ومتى كان الأمر كذلك ، ثبت أن الماهيات بأسرها نفى محض ، وعدم صرف فى الأزل. وذلك هو المطلوب.
واحتج القائلون : بأن المعدوم شيء بأمور :
الحجة الأولى : ان المعدومات متميزة فى أنفسها. وكل ما يتميز بعضه عن البعض ، فلا بد وأن تكون فى أنفسها حقائق متعينة. ولا معنى لقولنا المعدوم شيء الا ذلك. والّذي يدل على أن المعدومات متميزة بعضها عن البعض حال عدمها وجوه :
الأول : وهو انا نعلم أن غدا تطلع الشمس من المشرق ، ولا تطلع من المغرب. وهذان المطلوعان معدومان فى الحال. ونحن الآن نعلم امتياز كل واحد منهما عن الآخر. وهذا يدل على وقوع الامتياز فى المعدومات.
الثانى : هو أنا قادرون على الحركة يمنة ويسرة ، ولسنا قادرين على الطيران الى السماء. فقد تميز أحد المعدومين عن الثانى ، من حيث ان أحدهما مقدور لنا ، والآخر غير مقدور لنا. وهذا الامتياز واقع حال العدم. فثبت : وقوع الامتياز فى المعدومات.
الثالث : هو أنا نجد من أنفسنا أنا نريد أن تحدث لنا أموال وأولاد وخيرات وسعادات وأن لا تحدث لنا أنواع الأمراض والآفات ، مع كون كل واحد من هذين القسمين معدوما ، فلولا تميز أحد المعدومين عن الآخر ، حال كونه معدوما بماهيته المعينة ، وحقيقته المخصوصة ، والا لامتنع كون أحدهما مراد الوقوع ، والآخر مكروه الوقوع.
الرابع : هو أن المعدوم قسمان ممتنع وجائز. ولا شك أن كل واحد