بشيء ولا بذات. وهذا قول «أبى الحسن البصرى» من المعتزلة وذهب أكثر شيوخ المعتزلة: الى أنها ماهيات وذوات وحقائق ، حالتى وجودها وعدمها. فهذا هو تلخيص محل النزاع.
ولنا فى بيان أن المعدوم ليس بشيء وجوه :
البرهان الأول : ان هذه الماهيات لو كانت متحققة فى الخارج حال عرائها عن الوجود ، لكانت متساوية فى كونها متحققة خارج الذهن. ومباينة لخصوصياتها المعينة. وما به المشاركة غير ما به الممايزة (٤) فيلزم أن يكون تحقق كل ماهية تقررها زائدا على خصوصيتها. ولا معنى للوجود الا هذا التحقق والتقرر ، فيلزم كونها موجودة حال كونها معدومة. وذلك محال.
ومما يدل على أن كونها متحققة خارج الذهن أمر زائد على ماهيتها المخصوصة : انا اذا قلنا : السواد. ثم قلنا : السواد متقرر حال العدم. فنحن ندرك تفرقة بديهية بين ذلك التصور ، وهذا التصديق. ولو لا أن تقررها خارج الذهن حال عدمها أمر زائد على ماهيتها ، والا لما بقى فرق بين التصور والتصديق. وذلك محال على ما قررناه. فثبت : أن الماهيات لو كانت متقررة حال عدمها ، لكانت موجودة حال عدمها ، ولما كان ذلك محالا ، علمنا : أن القول بأن الماهيات متقررة حال عدمها محال.
البرهان الثانى : ان الذوات الثابتة فى العدم ، اما أن تكون متناهية ، أو غير متناهية والقسمان باطلان ، فبطل القول بثبوت الذوات المعدومة : اما أن كونها متناهية باطل ، فبالاتفاق. وأما أن كونها غير متناهية باطل. فذلك لأن مجموع الذوات المعدومة حين ما لم يخرج منها شيء الى الوجود ، كانت أكثر مما يبقى منها فى
__________________
(٤) المباينة : أ.