أو وقوع التسلسل. وان لم يتوقف عليه فحينئذ يلزم قيام الصفة الثبوتية بالعدم المحض. وذلك محال. لأن المحسوس عندنا من الذوات ، ليس الا الصفات. واذا جوزنا قيام الموجود بالمعدوم ، فالجدار الّذي نشاهده لا نشاهد منه الا لونه وكثافته وثقله. فاذا لم يبعد قيام الصفة الموجودة بالمحل المعدوم ، لم يبعد أن يكون الموصوف بالكثافة والثقل واللون المخصوص معدوما محضا. وذلك يقتضي وقوع الشك فى أن ذات الجدار وذات الانسان. هل موجودة أم لا؟ ومعلوم أن ذلك فاسد.
والجواب عنه : ان محل الوجود هو الماهية. ثم ان الماهية من حيث هى هى ، ماهية مغايرة للوجود والعدم ، فلا يلزم من ذلك قيام الموجود بالمعدوم.
واذا عرفت هذه المسألة. فلنرجع الى المقصود. فنقول : أما من قال : وجود كل شيء نفس ماهيته ، لزمه القطع بأنه متى زال الوجود ، فقد زالت الماهية ، فالقول بأن المعدوم شيء لا يتصور على مذهب هذا القائل. أما من قال : الوجود زائد على الماهية. فقد اختلفوا فى أنه هل يمكن تقرير الماهية عند زوال صفة الوجود؟ فمن جوز ذلك قال : المعدوم شيء. وعنى به : أن الماهية من حيث هى هى ، تكون متقررة حال ما لا تكون موجودة. ومن لم يجوز ذلك ، قال : المعدوم ليس بشيء.
اذا عرفت هذا ، فلنرجع الى تعيين محل النزاع فى هذه المسألة فنقول : المعدوم. اما أن يكون واجب العدم ممتنع الوجود ، واما أن يكون جائز الوجود جائز العدم.
أما الممتنع. فقد اتفقوا على أنه محض ، وعدم صرف ، وليس بذات ولا بشيء. وأما المعدوم الّذي يجوز وجوده ويجوز عدمه ، فقد ذهب أصحابنا الى أنه قبل الوجود نفى محض ، وعدم صرف ، وليس