اعتبارات ذهنية ، بخلاف الوجود الخارجى. فانه لا يمكن أن يقال : انه اعتبار ذهنى ، والا لزم أن يقال : انه لا موجود فى الأعيان ، وأن يقال : وجوده فى الأعيان نفس الماهية. فحينئذ يرجع ما ذكرتم من اجتماع النفى والاثبات على الشيء الواحد. وهو محال.
وأما الوجود الذهنى. فجوابه : ان الماهية كما وجدت فى الأذهان عارية عن الوجود الخارجى ، فقد وجدت فى الأعيان عارية عن الوجود الذهنى. وذلك يوجب التغاير.
الحجة الرابعة : على أن الوجود زائد على الماهية : هى أنا فى بداهة العقول ندرك الفرق بين التصور والتصديق. فالفرق بين قولنا : السواد. وبين قولنا : السواد موجود : معلوم بالبداهة. ولذلك فان (٣) من قال السواد وسكت ، حكم كل عاقل بأنه ما نفى ، وما أثبت ، وما ذكر كلاما مفيدا. واذا قال السواد موجود أو غير موجود ، فقد نفى ، أو أثبت وادعى ويطالب على صحة ما ذكره بالحجة. ولو كان كونه. موجودا هو نفس كونه سوادا ، لما حصل الفرق المذكور المعلوم بالبداهة.
فان قيل : هذا الفرق الّذي ذكرتم واقع بحسب اللفظ ، لا بحسب المعنى. فالجواب : انا نعلم بالبداهة أن من ادعى أن للعالم صانعا ، ثم أقام الدليل على دعواه ، لم يكن مطلوبة بهذه الحجة نفس اللفظ ، بل المعنى. فسقط ما ذكروه من السؤال.
واحتج من قال : الوجود غير زائد على الماهية. بأن قال : لو كان الوجود زائدا على الماهية ، لكان قيام الوجود بالماهية. وان توقف على كون الماهية موجودة ، لزم اما كون الشيء مشروطا بنفسه ،
__________________
(٣) كان : أ.