واحتجوا بأنا نشاهد أن تغيرات أحوال هذا العالم مربوطة بتغيرات أحوال الكواكب. ويدل عليه : حال الليل والنهار ، وحال الفصول الأربعة.
والجواب : ثبت فى المنطق أنه لا يلزم من حصول شيء عند شيء ، ومن عدمه عند عدمه ، كونه معللا به ، لاحتمال حصول هذا الدوران مع شطر العلة وشرط العلة ، ومع صفة لازمة للعلة طردا وعكسا ، مع أنه يكون أجنبيا عن التأثير.
الفرقة الرابعة من المخالفين فى هذه المسألة : الطبيعيون وهم يقولون : ان حوادث هذا العالم من المعادن والنبات والحيوان ، معللة بامتزاج هذه العناصر بعضها مع بعض.
واعلم ـ ان القول بالمزاج باطل. وذلك لأن هذه العناصر اذا اختلطت وامتزجت فاما أن يكون تأثير كل واحد منها فى الآخر ، وتأثر كل واحد منها عن الآخر : يقع دفعة ، واما أن يوجد تأثير أحدهما فى الآخر ، ثم بعد ذلك يعود ذلك المغلوب غالبا.
والأول باطل. لأن المؤثر فى انكسار كل واحد منهما : قوة الآخر. فالحار والبارد لو حصل انكسارهما معا ـ وحال حصول المعلول لا بدّ من حصول العلة ـ يلزم أن يكونا فى غاية القوة حال كونهما منكسرين ، وذلك محال. والثانى باطل أيضا. لأن المغلوب بعد صيرورته مغلوبا ، يمتنع أن يعود غالبا مع أنه حال قوته ، كان عاجزا عن قهره.
لا يقال : لم لا يجوز أن يقال : النارية صفة قائمة بجسم النار ، وتلك الصفة علة للحرارة واليبوسة ، وكذا المائية صفة قائمة بالماء ،