الممكنات مؤثرا فى وجود شيء آخر ، لزم كون الشيء الواحد قابلا وفاعلا معا. وهو محال. فاذن الممكن له خاصية القبول ، وليس له صلاحية التأثير ، كما أن الواجب لذاته ، له خاصية التأثير ، وليس له صلاحية القبول.
واعلم : أن المخالفين فى هذه المسألة فرق كثيرة :
الفرقة الأولى من المخالفين فى هذه المسألة : الفلاسفة. الذين يقولون : المعلول الأول لذات الله تعالى من غير واسطة شيء واحد ، وهو العقل الأول. وأما سائر الأشياء فهى معلولات معلولاته. ولهم فيه شبه :
الشبهة الأولى : ان مفهوم أنه تعالى مصدر (ا) غير مفهوم أنه مصدر (ب) بدليل: أنه يصح العلم بأحدهما مع الجهل بالآخر. وهذان المفهومان اما أن يكونا داخلين فى الماهية ، أو خارجين عنها ، أو يكون أحدهما داخلا فى الماهية ، والآخر خارجا عنها.
فان كانا داخلين فى الماهية ـ وهو القسم الأول ـ كانت الماهية مركبة. وهذا فى حق واجب الوجود محال.
وان كانا خارجين عن الماهية ـ وهو القسم الثانى ـ فلا شك انهما من لواحق هذه الماهية. وكل ما كان خارجا عن الماهية لاحقا لها غير مستقل بنفسه ، فانه يكون ممكنا بذاته واجبا بغيره ، وحينئذ يعود التقسيم من أن تكون تلك الماهية مصدرا لأحد هذين اللازمين مغايرة لكونها مصدرا للازم الثانى. وان كان هذان المفهومان أيضا خارجين عن الماهية ، لزم اما التسلسل واما الانتهاء الى الكثرة فى الماهية ـ وهو القسم الأول ـ