وأما القسم الثالث : وهو أن يكون أحد القسمين داخلا فى الماهية والآخر خارجا(٣) عنها فهذا يقتضي أن تكون هذه الماهية مركبة. لأن كل ما له جزء ، فأقله أنه مركب من جزءين. وذلك يقتضي أن يكون المعلول واحدا ، لأن الجزء متقدم والمعلول متأخر ، والجزء لا يكون معلولا.
فثبت : أن القول بصدور الشيئين عنه ، يفضى الى هذه الأقسام الباطلة ، فيكون باطلا.
الشبهة الثانية : اذا صدر عن الشيء الواحد باعتبار واحد ، الألف والباء ـ والألف لا شك أنه غير الباء ـ فمن حيث انه صدر عنه الألف لم يصدر عنه الباء ، لأنه من ذلك الحيث صدر عنه الباء ، والباء ليس بالألف. ومن حيث انه صدر عنه الباء ، لم يصدر عنه الألف.
الشبهة الثالثة : العلة لا بد أن تكون ملائمة للمعلول ، والشيء الواحد بالاعتبار الواحد ، لو أوجب الشيئين المختلفين ، لزم أن يكون الشيء الواحد بالاعتبار الواحد ملائما لشيئين مختلفين. والملائم للشيئين المختلفين مختلف ، فيلزم أن يكون الشيء الواحد بالاعتبار الواحد ، مخالفا لنفسه. وهو محال.
الشبهة الرابعة : لما شاهدنا أن تأثير النار هو التسخين ، وتأثير الماء هو التبريد ، استدللنا بهذين الأثرين (٤) على أن طبيعة الماء مخالفة لطبيعة النار ، واذا كان اختلاف الأثر ، دالا على اختلاف المؤثر ، فبأن يدل على تعدد المؤثر أولى.
__________________
(٣) لا خارجا : ا
(٤) الأمرين : ا