الحجة الثانية : ان طريان الضد الحادث مشروط بزوال الضد الباقى ، فلو كان زوال الضد الباقى معللا بطريان الضد الحادث ، لزم الدور. وهو محال.
والقسم الثالث : أن يقال : الجوهر انما بقى لأن الفاعل المختار ، يبقيه. قالوا : وهذا أيضا محال. وذلك لأن ايجاد الموجود ، وتحصيل الحاصل محال.
والقسم الرابع : وهو أنه انما بقى لأنه قام بالجوهر فى الزمان الثانى ، أعراض مقتضية لبقاء ذلك الجوهر. ثم نقول : ذلك العرض ، اما أن يكون هو من الأعراض المشهورة ـ وهى الألوان والطعوم والروائح والارادات والقدرة وأمثالها ـ واما أن يكون عرضا زائدا عليها مغايرا لها.
والأول باطل لوجهين :
أحدهما : ان لكل واحد من هذه الأعراض حكما خاصا. فالحركة توجب المتحركية ، والعلم يوجب العالمية. فلو اقتضيت أيضا كون الجوهر باقيا ، لزم أن يصدر عن العلة الواحدة: حكمان مختلفان. وذلك محال.
والثانى : هو أنه ليس تعليل بقاء الجوهر ببعض هذه الأعراض ، أولى من تعليل بقائه بالباقى. فيلزم أن يكون بقاؤه معللا بكل هذه الأعراض ، فيلزم تعليل الحكم الواحد بالعلل الكثيرة. وهو محال. ولما بطلت كل هذه الأقسام ، ولم يبق الا ان يعلل استمرار الجوهر بعرض زائد على هذه الأعراض ، وجب الاعتراف به. وذلك هو البقاء.
والجواب : أنتم لما أثبتم البقاء ، لا يمكنكم أن تقولوا : ان البقاء علة لذات الجوهر. ويدل عليه وجوه :
الأول : ان ذات الجوهر كان موجودا قبل ذلك. فلو كان البقاء علة له ، لكان هذا تحصيلا للحاصل. وهو محال.