أن هذه الماهية قابلة للعدم ، وهذه القابلية من لوازم هذه الماهية. فهذه الماهية قابلة للعدم أبدا. وهذا يقتضي كون الجسم جائز العدم فى الزمان الثانى.
المقدمة الثالثة : لما ثبت أن الجسم حصل فى الزمان الثانى ، مع جواز أن يصير معدوما. فالجائز لا بد له من المقتضى. وذلك المقتضى اما أن يكون أمرا عدميا أو وجوديا. وعلى التقديرين فاما أن يكون مختارا أو موجبا. فهذه أقسام أربعة :
القسم الأول : أن يقال : انه انما بقى لأن الفاعل المختار ما أعدمه. وهذا قول من قال الاعدام بالقدرة جائز ـ وهو أحد قولى «القاضى أبى بكر» من أصحابنا. وقول «أبى الحسن الخياط» من قدماء المعتزلة. وهو قول «محمود الخوارزمى» من متأخرى المعتزلة ـ ومن الناس من أنكر ذلك. وقال : القدرة صفة مؤثرة ، والعدم نفى محض فاسناد العدم الى القدرة محال.
والقسم الثانى : أن يقال : انه انما بقى. لأن له ضدا متى وجد ، لزم من وجوده عدمه. واذا لم يوجد ذلك الضد ، لزم بقاءه. وهذا مذهب «أبى على» و «أبى هاشم» و «القاضى عبد الجبار بن أحمد» من المعتزلة. وزعموا : أن ذلك الضد هو عرض يخلقه الله تعالى لا فى محل ، ويسمونه بالبقاء.
وجمهور أصحابنا أبطلوا هذا القول من وجهين :
الحجة الأولى : ان المضادة حاصلة من الجانبين ، فليس انقطاع الباقى لطريان الحادث ، أولى من اندفاع الحادث ، لوجود الباقى. وقالوا : بل اندفاع الحادث لوجود الباقى أولى. وذلك لأن الحادث أضعف من الباقى ، بدليل : أن الحادث لا يوجد الا عند المقتضى ، والباقى يبقى بدون المقتضى. وذلك يدل على أن الباقى أقوى.