والثانى ـ ان البقاء لا يبقى. فلو كان البقاء علة لذات الجوهر ، لزم من تجدد العلة ، تجدد المعلول. فيلزم أن لا يبقى الجوهر فى الزمان الثانى.
والثالث : هو ان البقاء عرض مفتقر الى الجوهر. فلو كان الجوهر معللا به ، لزم الدور. وهو محال. وأنتم اذا أثبتم البقاء ، لا بد أن تقولوا : انه علة لا لذات الجوهر بل لكونه باقيا. وهو حكم متجدد رائد على الذات. واذا كان الأمر كذلك ، فلم لا يجوز اسناد هذا الحكم المتجدد الى الفاعل المختار. وعلى هذا التقدير لا يلزم ايجاد الموجود لأن الواقع بالفاعل المختار هو هذا الحكم المتجدد ، لا أصل الذات. وعلى هذا التقدير يسقط ما ذكرتموه من الاستدلال.
الفصل الثانى
فى
بقاء البارى سبحانه وتعالى
أكثر أصحابنا قالوا : البقاء صفة قائمة بذات الله تعالى ، تقتضى كونه باقيا. وهذا عندنا باطل. ويدل عليه وجهان :
الحجة الأولى : انا قد بينا أن ذاته تعالى واجبة الوجود لذاته ، من حيث هى هى ، وواجب الوجود لذاته ، لا يكون واجب الوجود لغيره. فاستحال أن يقال : انه تعالى انما بقى لبقاء قائم به.
الحجة الثانية : انه تعالى لو كان باقيا ببقاء ، لكان ذلك البقاء باقيا ببقاء. فاما أن يكون ذلك البقاء باقيا لذاته ، أو لغيره.
فان كان باقيا لذاته ، والذات باقية لأجله ، فحينئذ يكون البقاء موجودا باقيا لذاته ، وتكون الذات باقية تبعا لذلك البقاء. والمستقل