والجواب عن السؤال الأول : ان من استدل فى حدوث العالم بدليل الحركة والسكون ، كان هذا السؤال لازما عليه. أما نحن لما بينا أن كل ما سوى الله تعالى محدث ، سواء كان متحيزا أو قائما بالمتحيز ، أولا متحيزا ولا قائما بالمتحيز ، سقط عنا هذا السؤال. لأنه لما كان كل ما سوى الله محدثا ، كان تأثيره سبحانه وتعالى فى ايجادها (١) بالقدرة والاختيار ، لا بالطبع ولايجاب. والموجد للشىء على سبيل القدرة والاختيار ، لا بد وأن يكون له شعور بما يقصد على ايجاده واختراعه. وهذا القدر يكفى فى اثبات كونه تعالى عالما. وأما أنه تعالى عالم بكل الأشياء. فتلك مسألة أخرى. وبهذا الجواب (٢) سقط جميع ما ذكروه من الأسئلة.
واحتج قدماء الفلاسفة على انكار العلم بوجوه :
الشبهة الأولى : قالوا : لو كان عالما ، لكان علمه اما أن يكون عين ذاته ، أو زائد على ذاته. والقسمان باطلان.
أما أنه لا يجوز أن يكون علمه عين ذاته ، فلوجوه :
أحدها : انا ندرك التفرقة بين قولنا : ذاته. ذاته. وبين قولنا : ذاته علمه. وهذا يوجب التغاير.
والثانى : أنا بعد معرفة أنه موجود ، واجب الوجود لذاته ، نفتقر فى معرفة كونه تعالى عالما الى دليل منفصل. والمعلوم مغاير لغير المعلوم.
الثالث : ان حقيقة العلم مغايرة لحقيقة القدرة ولحقيقة الحياة. فلو كان الكل عبارة عن حقيقة ذاته ، لزم القول بأن الحقائق الثلاثة
__________________
(١) ايجاد ما : ا
(٢) السؤال : ا