حقيقة واحدة. وذلك باطل بالبداهة. وأما أنه لا يجوز أن يكون علمه زائدا على ذاته. فلأنه لو كان زائدا على ذاته ، مع أنه صفة قائمة بتلك الذات ، وجب أن يكون ذلك العلم مفتقرا فى تحققه الى تلك الذات. لأن الصفة مفتقرة الى الموصوف ، والمفتقر الى الغير ممكن لذاته ، مفتقر الى المؤثر. والمؤثر فيه ليس الا تلك الذات ، فتكون تلك الذات موصوفة به ، ومؤثرة فيه ، مع أن تلك الذات بسيطة منزهة عن جميع جهات (٣) التركيبات. فيكون البسيط قابلا وفاعلا معا. وذلك محال.
لأن المفهوم من كونه قابلا ، غير المفهوم من كونه فاعلا. وهذان المفهومان. ان كانا خارجين عن الذات ، كان المفهوم من استلزام الذات لأحدهما ، غير المفهوم من استلزامها للآخر ، فيعود التقسيم الأول فيه. ولا يتسلسل ، بل ينتهى الى كثرة تقع فى الذات ، فتكون ذاته مركبة من الأجزاء. وكل ما كان كذلك كان ممكنا لذاته ، فيكون الواجب لذاته ممكنا لذاته. وهذا خلف. محال.
الشبهة الثانية : انهم قالوا : ذاته سبحانه وتعالى بدون هذا العلم. اما أن تكون كاملة على الاطلاق. وحينئذ لا يكون فى حصول هذا العلم كمال وجلال. ويجب نفيه. واما أن لا تكون الذات بدون هذا العلم كاملة. وحينئذ تكون الذات الواجبة الوجود : ناقصة بذاتها ، وكاملة بغيرها. وهو محال.
الشبهة الثالثة : كونه إلها للعالم. ان لم يتوقف على اثبات هذا العلم ، لم يجز اثباته. وان توقف عليه ، كان مبدأ العالم مركبا من الذات والعلم. وكل مركب ممكن. فكان مبدأ كل الممكنات ممكنا. وذلك محال.
__________________
(٣) جميع تلك : ا