الماهيات عند ما نشك فى وجودها ، الى أن يقوم البرهان على كونها موجودة. والمعلوم غير ما هو غير معلوم. فماهياتها مغايرة لوجوداتها. فكذا هاهنا يمكننا أن نعقل أن إله العالم ما هو؟ وموجد الممكنات ما هو؟ حال ما نشك فى وجوده الى أن يثبت بالبرهان كونه موجودا. والمعلوم غير ما هو غير معلوم. فهذا يقتضي أن تكون حقيقته غير وجوده».
واعلم : أنه يمكنه أن يجيب عن هذا الوجه بفرق لطيف.
الحجة السادسة : هاهنا مقدمة سلم «أبو على بن سينا» وأكثر العقلاء صحتها واستقامتها. وهى أن أفراد النوع الأخير كل ما صح على واحد منها ، صح على كلها. وقد بنى «أبو على» على هذه المقدمة فى كتبه الحكمية : مطالب كثيرة.
اذا عرفت هذا ، فنقول : لو كانت حقيقة البارى تعالى هى محض الوجود ، كان كل ما كان من لوازم ذاته ، وجب أن يكون حاصلا لجميع الموجودات. وان كان وجوده أخص الموجودات (٧) وكل ما كان ممتنعا على ذاته ، وجب أن يكون ممتنعا على سائر الموجودات ، وهو يفضى الى التناقض. لأنه كما أن وجود هذه المحدثات للكائنات الفاسدات ، وجود ضعيف سريع الزوال والعدم ، وجب أن يكون وجود الحق سبحانه كذلك ، وكما (٨) أن وجود الحق واجب الدوام ، ممتنع التغير ، وجب أن تكون هذه الموجودات (٩) الحسية كذلك. وذلك يفضى الى التناقض. وكل ذلك باطل.
__________________
(٧) الموجودات :
(٨) ولما : ب
(٩) الوجودات :