سبحانه وتعالى غير معلومة التصور ، وجب أن تكون حقيقة الحق سبحانه غير الوجود.
فان قيل : لم لا يجوز أن يكون المجهول من حقيقة الحق قيوده السلبية؟
قلنا : هذا باطل لأن القيود السلبية معلومة. ولذلك فانا يمكننا أن نعقل أن وجوده غير عارض لشيء من الماهيات أصلا.
واتفقت الفلاسفة على أن المعلوم من الحق سبحانه هو السلوب والاضافات.
الحجة الرابعة : ثبت فى علم «علم المنطق» أن الوجوب والامتناع والامكان كيفيات لنسب المحمولات الى الموضوعات. مثلا : اذا قلنا : «الانسان يجب أن يكون حيوانا» فالانسان هو الموضوع ، والحيوان والحيوان هو المحمول ، وثبوت الحيوان للانسان هو النسبة. وهى المسماة بالرابطة. ثم هذه النسبة موصوفة بالوجوب. وهذا الوجوب كيفية لهذه النسبة. وهذا كلام حق معقول.
اذا عرفت هذا فنقول : اذا قلنا : «يجب أن يكون البارى تعالى موجودا» فالبارى هو الموضوع ، والموجود هو المحمول ، واسناد الموجود الى تلك الحقيقة هو الرابطة. والوجوب كيفية لهذه النسبة والرابطة. واذا كان الأمر كذلك ، لم يصر اثبات وجوب الوجود (٦) فى حق الله تعالى معقولا ، الا اذا قلنا : ان حقيقته مغايرة لوجوده.
الحجة الخامسة : احتج «أبو على بن سينا» على أن وجود الممكنات مغاير لماهياتها بأن قال : «يمكننا أن نعقل هذه
__________________
(٦) اثبات الوجود : ا