واحتج «أبو على بن سينا» على صحة قوله بأن وجود البارى سبحانه وتعالى ، لو كان صفة عارضة لماهيته ، لكان مفتقرا الى تلك الماهية. والمفتقر الى الغير هو الممكن لذاته. فذلك الوجود ممكن لذاته. والممكن لذاته لا بد له من مؤثر. والمؤثر فيه اما تلك الماهية أو غير تلك الماهية. لا جائز أن يكون المؤثر فى ذلك الوجود هو تلك الماهية. لأن المؤثر متقدم بالوجود على الأثر ، فيلزم أن تكون تلك الماهية متقدمة بوجودها ، على وجودها ، وذلك محال.
ولا جائز أن يكون المؤثر فى ذلك الوجود غير تلك الماهية ، لأنه يلزم أن يكون الواجب لذاته مفتقرا فى وجوده الى سبب منفصل. وذلك محال والجواب : كما أن المؤثر متقدم بالوجود على الأثر ، فكذلك القابل متقدم بالوجود على المقبول. ولا نزاع أن وجود الممكنات زائد على ماهياتها ، فيلزم أن تكون تلك الماهيات القابلة لتلك الوجودات متقدمة بوجودها على وجودها. وذلك محال.
فان قلتم : لم لا يجوز أن تكون هذه الماهيات متقدمة على وجوداتها بنفس تلك الماهيات لا بوجود آخر؟
قلنا : فلم لا يجوز أن يكون الحال كذلك فى جانب المؤثر؟