على جميع الموجودات العارضة ، لماهيات الممكنات ، وجب أن يصح على واجب الوجود. وكل ما ثبت لواجب الوجود ، وجب أن يثبت لوجودات جميع الماهيات الممكنات. وكل ذلك باطل قطعا. ولما ثبت بهذا البرهان القطعى (٥) امتنع هذه الأقسام ، ثبت أن القول الّذي اختاره «أبو على بن سينا» قول مردود.
الحجة الثانية على فساد هذا المذهب : انه لو لم تكن للبارى تعالى ماهية وحقيقة ، الا الوجود المقيد بالقيد السلبى ، وهو أنه غير عارض لشيء من الماهيات ، فمبدأ وجودات الممكنات اما أن يكون هو ذلك الوجود لا بشركة من ذلك السلب ، واما أن يكون بشركة من ذلك السلب. فان المبدأ هو ذلك الوجود لا بمشاركة من ذلك السلب ، وجب أن يكون أخس الموجودات مشاركا لذات الحق سبحانه وتعالى فى تلك المبدئية وان كانت المبدئية بمشاركة من ذلك السلب ، كان السلب جزءا من مبدأ الثبوت وذلك محال. اذ لو جاز فى العقل أن يكون العدم جزء العلة الثبوت ، فليتجه أيضا أن يكون تمام علة الثبوت. وحينئذ لا يمكننا أن نستدل بوجود الممكنات على وجود واجب الوجود.
فان قيل : لم لا يجوز أن يكون ذلك الوجود المجرد مستلزما لصفة ، ويكون الوجود مع تلك الصفة مبدءا للممكنات؟
قلنا : التقسيم المذكور عائد فى كيفية استلزام الوجود لتلك الصفة ، وهو أن المؤثر فى ذلك الاستلزام اما الوجود لا بمشاركة ذلك السلب ، أو بمشاركة ذلك السلب. الحجة الثالثة: اتفق الحكماء على أن الوجود بديهى التصور ، والدلائل العقلية ناطقة بذلك. واتفق الحكماء على أن كنه ماهية الحق سبحانه غير معقول للبشر. والبراهين العقلية ناطقة بذلك. واذا كان الوجود معلوم التصور ، وحقيقة الحق
__________________
(٥) القاطع : ب.