وأما القول الثانى الّذي اختاره «أبو على بن سينا» فنقول : انه باطل ويدل عليه وجوه : الأول : ان الوجود من حيث انه وجود ، مفهوم واحد على ما دلت عليه الدلائل ، ووافقنا فيه «أبو على بن سينا»
وأيضا : هذه المسألة متفرعة على هذا القول. فنقول : الوجود من حيث انه وجود اما أن يقتضي أن يكون عارضا الماهية ، أو يقتضي أن لا يكون عارضا لماهية ، أو لا يقتضي لا أن يكون عارضا ولا أن يكون غير عارض ، بل الأمر ان جائزان عليه. فان اقتضى الوجود من حيث انه وجود ، أن يكون عارضا لماهية من الماهيات ، وجب أن يكون وجود واجب الوجود عارضا الماهية من الماهيات. فقوله : أنه وجود مجرد ، غير عارض الشيء من الماهيات : قول باطل. وما ان اقتضى الوجود ، أن يكون غير عارض الشيء من الماهيات ، وجب أن لا يكون شيء من الوجودات عارضا لشيء من الماهيات البتة. فهذه الممكنات اما أن لا تكون موجودة أصلا ، وان كانت موجودة كانت وجوداتها نفس ماهياتها. فيكون لفظ الوجود واقعا على الموجودات بالاشتراك اللفظى ، لا بالاشتراك المعنوى. وقد بينا أن ذلك باطل ، وأن هذا البحث متفرع على أن لفظ الموجود واقع على الواجب والممكن بالاشتراك المعنوى.
وأما ان قلنا : الوجود من حيث انه وجود لا يقتضي أن يكون عارضا لماهية ، ولا أن يكون غير عارض لها. فحينئذ يمتنع أن يصير عارضا أو غير عارض ، الا لسبب منفصل. فوجود واجب الوجود لا يصير مجردا الا بسبب منفصل ، فيكون واجب الوجود لذاته ، واجب الوجود لغيره. وهو محال.
وأيضا : قد عرفت أن الماهيات المتساوية فى تمام تلك الماهية ، كل ما صح على كل واحد منها ، صح على كلها. فاذن كل ما صح