وهكذا لو فرضنا للزمان منتهى. لكان عدمه حاصلا بعد وجوده ، بعدية بالزمان. والبعدية بالزمان لا تحصل الا مع وجود الزمان. فيلزم : أن يقال : الزمان موجود بعد أن لم يكن موجودا. وذلك محال فثبت : أن عدم الزمان محال.
واذا ثبت هذا. قالوا : الزمان اما أن يكون واجبا لذاته ، واما أن يكون ممكنا لذاته. والأول باطل. لأنه مركب من آنات متوالية منقضية. وكل ما كان كذلك ، لم يكن واجبا لذاته ، فهو اذن ممكن لذاته. وهذا الممكن اما أن يقع لغيره أو لذاته ، أو لا لغيره ولا لذاته.
فان كان لغيره ثبت افتقاره الى المؤثر ، وان كان لذاته وجب أن لا يكون منقضيا ، بل يكون باقيا مستمرا. وهو محال. وان كان لا لذاته ولا لغيره ، كان حدوثه. اتفاقيا. وكل ما كان اتفاقيا ، لم يمتنع فى العقل أن لا يوجد. لكنا قد بينا أن العدم على الزمان محال. ولما بطل القسمان ، ثبت القسم الأول وهو أنه ممكن لذاته. الا انه واجب الوجود لسببه ومؤثره. فلأجل وجوبه لوجوب سببه ، يمتنع العدم عليه.
وعند هذا يظهر أن دلالة وجود الزمان على وجود واجب الوجود ، أظهر من دلالة جميع الممكنات. ولعله هو المراد من قوله عليهالسلام : «لا تسبوا الدهر ، فان الله هو الدهر» هذا ما يمكن تقريره بناء على أصول القوم.
فان قيل : القول بافتقار الممكن الى المؤثر عليه اسئلة :
السؤال الأول : افتقار الممكن الى المؤثر ، اما أن يكون حال وجوده (٤) أو حال عدمه. والقسمان باطلان ، فبطل القول بالافتقار. أما الحصر فظاهر. وأما أنه يمتنع أن يكون الافتقار حال الوجود ،
__________________
(٤) حدوثه : أ.