والمؤثر بالكلية. وهو باطل قطعا. بل القول الصحيح : أن المؤثر كما يؤثر فى جعل الماهية موجودة ، فكذلك يؤثر فى جعل الماهية ماهية.
المقدمة الرابعة : ان الطريق الى اثبات الصانع تعالى ليس ، الا احتياج أجسام هذه الموجودات المحسوسة ، الى موجود آخر غير محسوس. ومنشأ تلك الحاجة على قول بعضهم هو الامكان ، وعلى قول آخرين هو الحدوث ، وعلى قول ثالث هو مجموع الامكان والحدوث. ثم هذه الأمور الثلاثة ، اما أن تعتبر فى الذوات ، أو فى الصفات أو فى مجموعها أو بالعكس. فللمجموع طرق ستة :
* * *
الطريق الأول : الاستدلال على وجود واجب الوجود بامكان الذوات : فنقول : لا شك أن الحقائق والماهيات موجودة. وكل موجود فاما أن تكون حقيقته قابلة للعدم أو لا تكون كذلك. فان لم تقبل حقيقته العدم لما هى هى ، كان ذلك الموجود هو واجب الوجود لذاته. وهو المطلوب. فان كانت حقيقته قابلة للعدم فنقول : كل موجود تكون حقيقته قابلة للعدم ، فانه تكون نسبة حقيقته الى الوجود والعدم على السوية. وكل ما كان كذلك لم يكن وجوده راجحا على عدمه الا لمرجح. وذلك المرجح لا بد وأن يكون موجودا. ثم ذلك المرجح ان كان ممكنا عاد الكلام فيه ، ويلزم اما الدور واما التسلسل. وهما محالان. فلا بد من الانتهاء الى واجب الوجود لذاته.
وهذا البرهان مبنى على هذه المقدمات :
المقدمة الأولى : قولنا : كل موجود يقبل العدم. فان الوجود والعدم بالنسبة الى ماهيته على السوية.
ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن تكون ماهيته قابلة للعدم والوجود ، الا أن الوجود أولى بتلك الماهية من العدم ، فلكونه قابلا للعدم يكون