الشيء لا يعطيه ، ولأن الذي يحمل الرسالة من موقع إرادة التغيير الشامل للواقع يجب أن يكون بالمستوى الذي يستطيع من خلاله أن يحرك عملية التغيير على أساس الإمكانات الواسعة التي يملكها في هذا المجال.
وقد نستوحي من ذلك ، أن الموقع النبوي لا يملك خصوصية في هذا المجال ، إلا من خلال طبيعة المستوى الأعلى الذي تتميز به النبوة عن المواقع الأخرى في ساحات الدعوة والتبليغ ، فإن المسألة هي ـ في العمق ـ مسألة الداعية إلى الله ، والعامل من أجل التغيير في خط هداه الذي يقف في الموقع القيادي للأمة ، من حيث طبيعة الملكات الفكرية والروحية والاجتماعية التي يجب أن يملك فيها رشده ، ليعطي للأمة رشدها. لذا لا يجوز أن تكون هذه المهمة ـ مهمة الدعوة والتبليغ والتوجيه السياسي والاجتماعي ـ ملقاة على عاتق الذين لا يحسنون حركة الدعوة في الفكر والمنهج والأسلوب ، ولا يستطيعون وعي الواقع في عمقه وامتداده ، لأن ذلك ينعكس سلبا على مستقبل الإسلام والمسلمين ، في ما يؤدي إليه من النتائج السلبية ، ومن سيطرة التخلّف على المسيرة الإسلامية كلها.
* * *
حوار بين إبراهيم عليهالسلام وأبيه
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) قالها لأبيه ، في موقف يوحي بأن الأبوّة ، مهما كانت تختزن في داخلها من الاحترام والهيبة ، لا تمنع الولد من مواجهتها بالأسئلة الحاسمة في القضايا المتصلة بالعقيدة ، لأنها تتجاوز كل الانفعالات الشعورية في العلاقات الإنسانية ، لتتركز في دائرة المواقف المصرية مما يعني بأن الحواجز النفسية لا تمثل حائلا بين الإنسان وبين الآخرين في شكليات التقاليد والعادات ، بما يريد أن يؤكده من قضايا الفكر والحياة. وقالها لقومه الذين يملكون في المجتمع القديم السلطة