وانفصال أنواع النباتات من الأرض ، والحيوان من الحيوان ، والإنسان من الإنسان ، لا يخلو من غموض وخفاء لأن اعتبار المسألة من خصوصيات المادة لا من خصوصيات العناصر الذاتية أو النوعية للأشياء ، غير واضح.
أما النظرية العلمية ، فلا نستطيع إخضاع القرآن لها لأنها لا تمثل الحقيقة الحاسمة. وهناك تفسير آخر مرويّ عن الإمام محمد الباقر عليهالسلام ، في رواية «أن عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي الباقر عليهالسلام لامتحانه بالسؤال عنه ، فقال له : جعلت فداك ما معنى قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) ما هذا الرتق والفتق؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : كانت السماء رتقا لا تنزل القطر ، وكانت الأرض رتقا لا تخرج النبات ، ففتق الله السماء بالقطر ، وفتق الأرض بالنبات (١).
وهذا المعنى أقرب من الأول لأن الفتق في الموجودات من الأمور الحادثة الطبيعية من خلال ما يشاهده الإنسان من طريقة انفصال النبات عن الأرض ، أو نزول المطر من السماء ، مما يمكن أن يوحي بأصل الحدوث في المبدأ ، من خلال ملاحظة الحدوث في ما يتمثل فيه الفتق والرتق في حركة الأرض والسماء في مواسم المطر والنبات. هذا مع ملاحظة اقترابه من الفقرة التالية : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) التي هي بمثابة النتيجة للفتق الأرضي والسماوي ، الذي ينزل من خلاله الماء من السماء ، ويتفجر من الأرض ، فيخرج منه النبات.
* * *
دلائل وحدانية الله
(وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) فقد خلقه الله ليكون عنصرا حيويا في ارتباط الحياة به سواء في ذلك الإنسان والحيوان والنبات وغيرهم مما أثبتته
__________________
(١) البحار ، م : ٢ ، ج : ٤ ، ص : ٢٦١ ، باب : ١ ، رواية : ١٠.