الكلام الذي يقصد به الزيادة في غيظ المستهزأ به وتألّمه ، كما يقول الرّجل لعدوّه : أبشر بقتل ذريتك ونهب مالك.
والفعل منها بشر وبشّر مخففا ومثقلا ، فالتثقيل للتكثير بالنسبة إلى البشيرة.
وقد قرىء (١) المضارع مخففا ومشدّدا.
وأمّا الماضي فلم يقرأ به إلّا مثقلا نحو (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) [هود : ٧١] وفيه لغة أخرى : أبشر مثل أكرم.
وأنكر أبو حاتم التخفيف ، وليس بصواب لمجيء مضارعه.
وبمعنى البشارة : البشور والتّبشير والإبشار ، وإن اختلفت أفعالها ، والبشارة أيضا : الجمال ، والبشير : الجميل ، وتباشير الفجر أوائله.
وكون صلة «الّذين» فعلا ماضيا دون كونه اسم فاعل ، دليل على أنه يستحقّ التبشير بفضل الله ممن وقع منه الإيمان ، وتحقّق به وبالأعمال الصالحة.
و «الصّالحات» : جمع «صالحة» ، وهي من الصفات التي جرت مجرى الأسماء في إيلائها العوامل ؛ قال : [البسيط]
٣١٠ ـ كيف الهجاء وما تنفكّ صالحة |
|
من آل لأم بظهر الغيب تأتيني (٢) |
وعلامة نصبه الكسرة ؛ لأنّه من باب جمع المؤنث السالم نيابة عن الفتحة ، التي هي أصل النّصب.
قال معاذ (٣) : «العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء : العلم والنّيّة والصّبر والإخلاص».
وقال عثمان بن عفّان : «أخلصوا الأعمال».
فصل
قال ابن الخطيب (٤) : هذه الآية تدلّ على أنّ الأعمال غير داخلة في الإيمان ؛ [لأنّه لمّا ذكر الإيمان](٥) ، ثمّ عطف عليه العمل الصالح ، فوجب التغير وإلا لزم التكرار ، وهو خلاف الأصل.
قوله : (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ).
__________________
(١) انظر السبعة : ٢٠٥ ، والدر المصون : ١ / ١٥٧.
(٢) البيت للحطيئة. ينظر ديوانه : (٨٦) ، الكشاف : ٤ / ٥٤٧ ، الدر المصون : ١ / ١٥٨.
(٣) في أ : قتادة.
(٤) ينظر الفخر الرازي : ٢ / ١١٧.
(٥) سقط في أ.