وبذا تبين أن
التفسير نشأ منذ بدء الوحي ، إذ احتاج إليه الصحابة ، ثم زادت حاجة التابعين إلى
التفسير ولا سيما ما رآه الصحابة وسمعوه من الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولم يتمكنوا هم من رؤيته ولا سماعه .. ثم اشتدت حاجة
تابعي التابعين.
وهكذا كلما بعد
الناس عن عصر نزوله زادت الحاجة إلى التفسير بمقدار ما زاد من غموض ..
فهم الصّحابة للقرآن الكريم
نزل القرآن عربيا
على رسول عربي ، وقوم عرب ، (هُوَ الَّذِي بَعَثَ
فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ ..) فكانوا أخبر بلغتهم ، وفهموا القرآن حق فهمه ، وقد يشكل
عليهم فهم آية منه فيرجعون إلى القرآن نفسه ، فقد يجدون فيه توضيحا أو تفصيلا.
وإلا رجعوا إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ليفسر لهم ما أشكل عليهم ...
وكان الصحابة
يجتهدون في فهم القرآن الكريم مستعينين على ذلك ب :
١ ـ معرفة أوضاع
اللغة وأسرارها.
٢ ـ معرفة عادات
العرب.
٣ ـ معرفة أحوال
اليهود والنصارى في الجزيرة وقت نزول القرآن.
٤ ـ قوة الفهم
وسعة الإدراك.
وبدهي أن يتفاوت
الصحابة في توافر هذه الأدوات عندهم ، وبالتالي في فهم القرآن الكريم ، فلم يكونوا
جميعا في مرتبة واحدة ، ومن هنا كان الاختلاف اليسر بينهم في تفسير القرآن الكريم.
ومن ذلك :
ـ ما روي من أن
الصحابة فرحوا حين نزل قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ) لظنهم أنها مجرد إخبار وبشرى بكمال الدين ، ولكن عمر بكى
وقال : «ما بعد الكمال إلا النقص ، مستشعرا نعي النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وقد كان مصيبا في ذلك ، إذ لم يعش النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعدها إلا واحدا وثمانين يوما كما روي» .
ـ وفيه ما رواه
البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :
«كان عمر يدخلني
مع أشياخ بدر ، فكأن بعضهم وجد في نفسه وقال : لم يدخل هذا معنا وإن لنا أبناء
مثله؟
__________________