يكون المصدر لكل ذلك هو الله عزوجل.
والجاهليون لم يكونوا مقتصرين في حجهم بالطواف ببيت واحد بل كان لهم بيوت أخرى يطوفون بها كبيت ذي الخلصة (١).
روى البخاري في صحيحه : عن جرير بن عبد الله قال : [كان في الجاهلية بيت يقال له ذو الخلصة ، وكان يقال له الكعبة اليمانية ، أو الكعبة الشامية ، فقال لي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هل أنت مريحي من ذي الخلصة ، قال : فنفرت إليه في خمسين ومائة فارس من أحمس قال : فكسرناه وقتلنا من وجدنا عنده فأتيناه فأخبرناه فدعا لنا ولأحمس](٢).
وقد ذكر كذلك عن معبد في الشمال (٣). فلا غرابة إذا إذا جاء الإسلام بنسك كالحج. فأصل هذه الشرائع والمناسك هو الوحي فقط وأي تبديل أو طمس لها فمرده أمر الجاهلية فحسب. والإسلام ما جاء إلا ليحيي هذه المناسك التي شرعها الله عزوجل ، لذا بينها وفصلها ليبرز محاسن الإسلام في هذه المناسك والشعائر.
وفي الحج الإسلامي مقاصد عظيمة منها : توجه العباد إلى عبادة الله الواحد الديان ، وتذكيرهم بيوم الحشر الأكبر ، ولتكون فريضة الحج وشرائعه مدرسة تربوية مكتملة الجوانب ضمن صرح الإسلام العظيم ، فأين هذا التشابه المزعوم وأين هذه التشريعات التي تسمو بالعواطف الإنسانية النبيلة من تلك المظاهر الوثنية المنحطة ، فلا شك أنه لا يلتبس أمر التفريق بين الشريعتين شريعة الجاهلية وشريعة الإسلام على ذي عقل ، وإن برزت في بعض الصور والخطوط العامة وكأنها مستقاة من دين إبراهيم عليهالسلام.
__________________
(١) بيت من مروة بيضاء ، منقوش عليها كهيئة التاج. كان سدنتها من أمامة من باهلة كاللات والعزى ، كان يطلق على هذا المعبد الكعبة اليمانية أو الشامية.
(٢) انظر صحيح البخاري ٤ / ٢٣٢ كتاب مناقب الأنصار.
(٣) انظر دائرة المعارف الإسلامية ٧ / ٣٠٥.