بين الصفا والمروة ، وغير ذلك من شعائر الحج (١).
الجواب :
ذكرت في المقدمة أن الجزيرة العربية نبتت فيها دعوة إبراهيم وابنه إسماعيل ـ عليهماالسلام ـ ولكن العرب هم الذين غيروها بالشركيات والوثنيات ومع هذا فإنه بقي في هذا الوسط الوثني شيء من تلك الديانة الحنيفية.
كما أن الشرائع الإلهية التي نزلت على إبراهيم وإسماعيل ومحمد ـ عليهمالسلام ـ أصلها واحد وهي منزلة من عند الله عزوجل لأنهم جميعا رسله لأقوامهم فالصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر العبادات مما شرعه الله عزوجل في كل الديانات سواء ديانة إبراهيم أو ديانة محمد أو غيرهما من أنبياء الله عليهمالسلام. فإذا حصل تشابه في مثل هذه الجوانب بين الديانات السماوية مع اختلاف في الهيئات والأوقات والأماكن فهو أمر طبيعي قال تعالى : (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ ..)(٢).
ويشهد لما قلت ما جاء على ألسنة المستشرقين في دائرة المعارف الإسلامية حيث قالوا : (ولم يك هذا الحج إلى عرفات أمرا اختص به العرب فالحج إلى معبد من المعابد عادة سامية قديمة جعلت حتى في الأجزاء القديمة من أسفار موسى الخمس فرضا يجب أداؤه فقد ورد في سفر الخروج الإصحاح الرابع والثلاثين (ثلاث مرات في السنة يظهر جميع ذكورك أمام السيد الرب إله إسرائيل) (٣).
فالمسلمون يقفون في حجهم على جبل عرفات ، واليهود يقفون في حجهم على جبل سيناء ، والنصارى يحجون إلى بيت المقدس في فلسطين فهل يعني هذا أن الديانات الثلاث أخذن شعيرة الحج من الوسط الجاهلي الوثني! والمستشرقون يعرفون أن اليهودية والنصرانية سابقة للوثنية في الجزيرة العربية فلا يبقى إلا أن
__________________
(١) انظر مصادر الإسلام ص ٨٠٦ ، ومقدمة القرآن بل ص ٩.
(٢) سورة الحج : (٦٧).
(٣) دائرة المعارف الإسلامية ٧ / ٣٠٥ ، وانظر الكتاب المقدس ص ١٤٥.