وما شعيرة الحج في الإسلام إلا صورة عن شعيرة الحج التي أداها إبراهيم عليهالسلام والتي يجمعهما التوحيد الخالص لله عزوجل ، وخلع كل الشركيات التي أدخلتها الجاهلية الوثنية لحج إبراهيم عليهالسلام كما حصل في إدخالهم الشرك في التلبية وهي قولهم :
(لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك) (١) ، وكاستئذانهم بالوقوف في جبل عرفة من الغوث بن مر وولده من بعده (٢) ، وكعدم دفعهم من عرفة إلا إذا دفع رجل من صوفة ولا رميهم إلا إذا رمى رجل من صوفة (٣) كذلك وكابتداعهم أمر الحمس وغير ذلك من الأمور.
وهكذا ما من تغيير لحج إبراهيم عليهالسلام إلا وجاء الإسلام ليعيده لما كان عليه.
وهكذا يظهر جليا أن أصل الحج وغيره من العبادات من السماء بأمر وتعليم من الله عزوجل لنبيه محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا من الوسط الوثني المزعوم عند المستشرقين ، وما كان عند الجاهلية باق من شعائر ومناسك هو من بقايا دين إبراهيم عليهالسلام الذي جاء الإسلام ليحييه ويعيده.
وكذلك فإن الحج ليس مصدره من اليهودية كما زعم «دوزي» (٤) حيث ظهر من عرضي السابق أن الحج عند الجميع من مسلمين ويهود ونصارى وغيرهم مصدره ديانة إبراهيم عليهالسلام.
__________________
(١) انظر سيرة ابن هشام ١ / ١٠١.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ١ / ٢٣٠.
(٣) انظر سيرة ابن هشام ١ / ١٤٣. الغوث بن مر كانت أمه من جرهم وكانت لا تلد فنذرت لله إن هي ولدت رجلا أن تصدق به على الكعبة عبدا لها يخدمها ويقوم عليها فولدت الغوث فكان يقوم مع أخواله هو الأول على خدمتها والغوث هو الذي كان يجيز للناس في الجاهلية النزول من عرفة ثم تولى هذه الإجازة من بعده حتى انقرضوا. وكان سبب تسميتهم بصوفة لأن أمه كانت تربط شعره بصوفة. (هذا كلام شيخي مناع خلال جلسة المناقشة).
(٤) انظر دائرة المعارف الإسلامية ٧ / ٣١٠.