العلم فيه اختلافا على مذاهب. فمنهم (١) من يرى أن السبب فيه رجوع لهواء المدفوع فيه إلى خلف المرمى والتئامه هناك التئاما (٢) بضغط ما أمامه. ومنهم من يقول : إن الدافع يدفع الهواء والمرمى جميعا ، لكن الهواء أقبل للدفع ، فيندفع أسرع ، فيجذب معه الموضوع فيه. ومنهم من يرى أن السبب فى ذلك قوة يستفيدها المتحرك من المحرك تثبت فيه مدة إلى أن تبطلها (٣) مصاكات تتصل (٤) عليه مما يماسه وينحرف به ، فكلما (٥) ضعف بذلك ، قوى عليه الميل الطبيعى والمصاكة فأبطلت القوة ، فمضى المرمى نحو جهة ميله الطبيعى.
قال (٦) أصحاب القول بتحرك (٧) الهواء : وليس يعظم أن تكون حركة الهواء تبلغ من القوة ما يحمل (٨) الحجارة والأجسام العظيمة ، فإن الصوت العظيم ربما دك أنفا (٩) من الجبل ، وهاهنا جبال إذا صبح منها انحطم (١٠) أركانها ، والرعد يهد (١١) الأبنية المشيدة ، ويقلب قلل الجبال ، ويغلق الصخور الصم. ومن الناس من يفتتح (١٢) القلاع المبنية فى القلل بتكثير البوقات والإلحاح عليها.
وكيف (١٣) يمكننا أن نقول : إن الهواء الراجع إلى خلف (١٤) التأم التئاما ضغط ما قدامه إلى قدام ، وما سبب حركته إلى قدام (١٥) عند الالتئام ، حتى يدفع ما ورائه. وكيف يمكننا أن نقول : إن المحرك أعار المتحرك قوة ، وذلك لأنها لا تخلو من أن تكون إحدى القوى (١٦) التي هى الطبيعية والنفسانية والعرضية ، وليست طبيعية ولا نفسانية ولا عرضية ، لأن القوة المحركة (١٧) إلى فوق زعمتم أنها فى (١٨) جوهر النار بمعنى الصورة (١٩) ، وإذا (٢٠) كانت فى الحجر كانت عرضا فكيف تكون طبيعة واحدة عرضا وصورة. ولو كان المحرك أفاد قوة ، لكان أقوى فعلها فى ابتداء وجودها وكان (٢١) يجب أن تأخذ فى الانسلاخ والموجود هو أن أقوى فعلها (٢٢) فى الوسط من الحركة (٢٣). أما (٢٤) إن كانت علة هذه الحركة حمل (٢٥) الهواء للمرمى ، فقد توجد لذلك علة ، وهو أن الهواء يتلطف بالحركة ، ويزداد (٢٦) سرعة وانخراقا لما (٢٧) ينفذ فيه من الهواء الناقل للمرمى ، ولا يوجد هذه العلة هناك.
وقد قال قوم بالتولد ، وقالوا : لأن من طبع الحركة أن تتولد بعدها حركة ، ومن طبع الاعتماد أن يتولد بعده اعتماد. ولم يمنعوا أن تكون الحركة تعدم ، ثم يتبعها سكون ثم يتولد عن الاعتماد بعد ذلك حركة
__________________
(١) فمنهم : منهم سا. (٢) التئاما : + بقوة ب ، د ، ط ، م.
(٣) تبطلها : يبطله سا ، ط (٤) تتصل تبطل د (٥) فكلما : وكلما ط. (٦) قال : وقال سا
(٧) بتحرك : بتحريك ط (٨) ما يحمل : ما يجذب طا.
(٩) أنفا : أيضا ب (١٠) انحطم : انهدم بخ ؛ انحطمت ط ، م.
(١١) يهد : يهدم د ، ط (١٢) يفتتح : يفتح ط.
(١٣) وكيف : فكيف م (١٤) خلف : خلفه ط.
(١٥) إلى قدام : ساقطة من د. (١٦) القوى : القوتين م.
(١٧) المحركة : المتحركة سا (١٨) فى (الأولى) : ساقطة من سا
(١٩) الصورة : العبور سا ؛ الصور م
(٢٠) وإذا : إذا ط. (٢١) وكان : ثم كان سا ، ط ، م
(٢٢) فعلها : فعله سا ، ط ، م (٢٣) من الحركة : ساقطة من ب ، د
(٢٤) أما : وأما سا ، ط ، م. (٢٥) حمل : حملت سا (٢٦) ويزداد : فيزداد سا
(٢٧) لما : فالماء سا.