الشيء قد يمكن أن يعقل (١). ولا تعرض له (٢) الأسباب التي لوجوده منها بد ، إلا ما كان منها لازما لطباعه. وليس واجبا ضرورة أن يكون الجسم لا يعقل ، إلا ويلحقه فعل قاسر (٣) فيه. فإذا كان كذلك ، فطبيعة الجسم قد يمكن أن يفرض موجودا ، وهو على ما هو (٤) عليه فى نفسه ، وليس يقسره قاسر. وإذا (٥) فرض كذلك بقى وطباعه ، وإذا بقى كذلك (٦) ولم يكن بد من أن يكون له أين وشكل ، وكل ذلك لا يخلو إما أن يكون له من طباعه أو من سبب (٧) خارج.
لكنا (٨) قد (٩) فرضنا أنه لا سبب من خارج ، فبقى (١٠) أنه (١١) من طباعه ، والذي من طباعه يوجد له ، ما دامت طبيعة موجودة ولم يقسر ، فإن (١٢) كانت طبيعته بحيث تقبل القسر ، أمكن أن يزول ذلك عنه بالقسر ، وإن كانت طبيعته بحيث لا تقبل القسر لم يزل ذلك عنه بالقسر.
فإن قال قائل : إنه يجوز أن يكون كل قاسر يرد فإنه يعطى شكلا ومكانا ، ثم (١٣) يبقى ذلك ، فلا يزول إلا بقاسر آخر يرد (١٤) فلا يخلو دائما عن قاسر على التعاقب ، كما لا يخلو عن الأعراض بالتعاقب. وليس يلزم من (١٥) ذلك أن يكون واحد منها ذاتيا لا تفارقه.
فنقول : إن الجسم تعرض له الأعراض التي ليست (١٦) بلازمة على وجهين : أعراض تلحقه (١٧) فى ذاته ، وأعراض (١٨) تلزمه (١٩) من مجاوراته. مثل كونه فوق وتحت ومماسا ومحاذيا ، والأعراض التي تلزمه لمجاوراته (٢٠) لا تكون ضرورية له باعتبار ذاته. والأعراض الأخرى فإنه لا يجب أن يخلو (٢١) منها ، بل يجوز أن يكون فيه عدمها فقط ، ولو كانت مما يستحيل خلوها عنه ، بحيث لا يقوم إلا بوجود شيء منها فيه ، لكانت صورا لا أعراضا ، بل الأعراض هى التي تعرض بعد تجوهر الشيء بحيث يجوز أن يوجد الشيء ، وكل واحد منها (٢٢) معدوم ، فيمكن فرض جوهر الجسم دون شيء البتة منها. وأما المجاورات والمماسات وما يجرى مجرى ذلك ، فليس تلزم الجسم لطبيعته ، بل لوجوده مع جسم آخر. فليس إذن يجب لا محالة أن يكون الجسم لذاته ، حاملا بالفعل لحال مما لا (٢٣) يقوم ماهيته ، ولا يلزم (٢٤) ما يقوم ماهيته ، فقد انحل التشكك (٢٥).
__________________
(١) يمكن أن يعقل : يكون أن الفعل د
(٢) له : + من م. (٣) قاسر : بالقسر ط.
(٤) وهو على ما هو : وهى على ما هى سا
(٥) وإذا : فإذا ط. (٦) كذلك : ذلك سا
(٧) سبب : + من ط ، م.
(٨) لكنا : لكنه ب ، د ، م
(٩) قد : ساقطة من م (١٠) فبقى : فيبقى م
(١١) أنه : أن يكون له سا ، ط ، م.
(١٢) فإن : وإن سا ، ط. (١٣) ثم : ساقطة من د.
(١٤) يرد : ساقطة من ط (١٥) من : ساقطة من ب ، د.
(١٦) ليست : لبس ط ، م (١٧) أعراض تلحقه : ساقطة من د
(١٨) وأعراض : أو أعراض ط. (١٩) تلزمه : تلزم د ؛ تلحقه ط ، م
(٢٠) لمجاوراته : بمجاورته ط. (٢١) يخلو : لا يخلو د ، ط.
(٢٢) منها : فيها ط ، م. (٢٣) مما لا : ما لا سا
(٢٤) ولا يلزم : ويلزم سا. (٢٥) التشكك : التشكيك ط.