أنه متحرك إلى تلك الجهة ، ومن ذلك أنه متحرك إلى (١) مكان ما ، ومن ذلك أنه متحرك إلى حيث كليته. فيشتبه (٢) الأمر ويشكل فلا ندرى أنه إلى أى واحد من هذه الأشياء يتحرك. ولو كان الماء يطلب الجهة ، والنهاية فى نزوله إلى أسفل ، لما وقف دون حد وقوف (٣) الأرض ، ولما طفا على الأرض (٤) ولما رسب فى الأرض. وكذلك حال الهواء ، لو توهم (٥) جزء منه مقسورا إلى حيز (٦) النار ، فوجد (٧) ينتقل من حيز النار إلى حيز نفسه.
وستعلم أنه لا يكون لحيز واحد جسمان بالطبع ، حتى يكون لك أن تقول : إن الأرض والماء يطلبان جهة واحدة وحيزا واحدا ، لكن الأرض أغلب وأسبق ، وكذلك الهواء والنار يطلبان جهة واحدة وحيزا واحدا ، لكن الأرض أغلب وأسبق ، ولو كان الهواء يطلب ما تطلب (٨) النار لكنه يعجز عن مساوقتها (٩) إليه (١٠). لكنا إذا وضعنا أيدينا على شطر من الهواء ، أحسسنا باندفاعه إلى فوق ، كما إذا حبسناه (١١) فى إناء تحت الماء. ولو كان يطلب المتحرك المكان فقط ، والمكان هو سطح الجسم الذي يحويه ، والطبيعى هو سطح الجسم (١٢) الذي يحويه بالطبع ، لكان (١٣) الماء يقف فى الهواء حيث كان لأنه فى سطح الجسم الطبيعى الذي يحويه ، ولكانت النار المتصعدة تطلب أن يشتمل (١٤) عليها مكان هو سطح فلك (١٥). وهذا الطلب محال ، لأنه إنما يماس طائفة من سطح الفلك من جهة ، ولو كان يطلب الكلية لكان الحجر المرسل من رأس البئر (١٦) يلتصق بشفيرها (١٧) ، ولا يذهب (١٨) غورا ، فإن الاتصال بالكل هناك أقرب مسافة ولكان الحجر يصعد ، لو توهمنا إن كليته زال عن موضعه. فكان (١٩) حينئذ لا يخلو إما أن يكون بالطبع ، يميز جهة دون جهة ، (٢٠) وهذا محال ، أو يكون قد انفعل عن الكلية انفعالا آخر من جهة أخرى ، فتكون حركته إلى الكلية ليس عن طباعه ولكن تجذب الكلية إياه. وقد فرضنا حركته طبيعية ، وعلى أنه يستحيل أن يفعل الشيء فى شبيهه فعلا وأثرا بالطبع ، من حيث هو شبيهه (٢١) إلا بالعرض ، ولكانت الأرض الصغيرة كالمدرة أسرع انجذابا من الكبيرة.
فالذى يجب أن يعتقد فى هذا ، هو أن الحركة الطبيعية تطلب الحيز الطبيعى وتهرب من غير الطبيعى ، لا مطلقا ولكن مع ترتيب من أجزاء الكل مخصوص ، ووضع مخصوص من الجسم الفاعل للجهات. فإن (٢٢) الجهة عينها (٢٣) غير
__________________
(١) تلك .... إلى : ساقطة من م (٢) فيشتبه : فيشبه ط.
(٣) وقوف : وفوق م (٤) ولما طفا على الأرض : ساقطة من سا.
(٥) لو توهم : وتوهم م
(٦) حيز (الأولى) : حجر د
(٧) فوجد : نوجب م. (٨) ما تطلب : ساقطة من م
(٩) مساوقتها : مساوقته سا (١٠) إليه : إليها ط.
(١١) حبسناه : احتبسناه سا. (١٢) الجسم (الثانية): + الطبيعى ط ، م.
(١٣) لكان : فكان م. (١٤) يشتمل : يشمل ط.
(١٥) فلك : ذلك ط ؛ الفلك م. (١٦) البئر : + بل د (١٧) بشفيرها : بشفيرتها ط
(١٨) ولا يذهب : فلا نذهب ط. (١٩) فكان : وكان د.
(٢٠) دون جهة : ساقطة من م. (٢١) شبيهه : شبهه ب ، د ، ط. (٢٢) فإن : وإن م
(٢٣) عينها : عنه د ؛ عليها ط.