بعلمائهم وعوامهم ، وبأنهم في مقام تلقي الأحكام وأخذها من أئمتهم عليهم السّلام والاحتياط لها وعدم التساهل فيها ، ولا التعصب والعناد في قبال أدلتها الذي هو ديدن أهل الباطل ، ولا يتهيأ ذلك للمخالف ، لعدم قدسيتهم في نفسه ولا يحسن الظن بهم.
كما أنه لا ضابط لذلك ليمكن فرض جريه على قواعده وإن لم يحسن الظن فعلا.
ومرجع ذلك إلى نقص خبرته ، لعدم إحاطته بمقدمات الاستنباط المتيسرة للمؤمن ، فلا يعتمد على استنباطه. وهذا بخلاف الرواية المستندة للطرق الحسية المنضبطة التي لا دخل للإيمان بها.
ونظير ذلك يجري في العدالة ، إذ بسبب عدم انضباط مقدمات الاستنباط يكون تمييز موارد الحجة عن غيرها محتاجا إلى مرتبة عالية من الدين والورع ، ولا سيما في الأحكام المرتبطة ببعض العواطف والاعتبارات ، حيث يكون للتدين والورع وشدة الخوف من الله تعالى والحذر من أليم عقابه أعظم الأثر في مراقبة النفس ومحاسبتها في أداء الوظيفة ، كي يميز المجتهد الحجج عن غيرها ، فلا يركن للشبه ويسوق ما ليس دليلا مساق الدليل ، ولا يؤمن الفاسق على ذلك ، وإن كان ثقة في نقله ، بل لا بد من العدالة بمرتبة عالية ، نظير ما تضمنه مرسل الاحتجاج المتقدم ، وارتكز في أذهان متشرعة الفرقة الناجية والطائفة المحقة ، حتى امتازت بذلك بين فرق المسلمين كما امتاز أئمتها وأولياؤها عليهم السّلام بواقعيتهم وطهارتهم ، فكان ذلك من شواهد حقيتها وواقعيتها ومتابعتها لأئمتها عليهم السّلام وتأثرها بهم.
ونسأله تعالى أن يثبتها على ذلك ويعينها عليه ويعيذها من مضلات الفتن ، لتبقى علما للحق ، ومنارا للهدى ، ومثالا حيّا للدين القويم ، وحجة على الأمم. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، وله الشكر