تبدل الحكم الواقعي فرارا عن المحذور المذكور ، وإن كان مخالفا لظاهر أدلة الأحكام الواقعية والظاهرية وغيرها من الأخبار المذكورة.
فيظهر اندفاعه مما تقدم في أول مباحث الحجج في حقيقة الأحكام الظاهرية ، ووجه عدم منافاتها للأحكام الواقعية ، حيث يستغنى به عن التصويب بل مقتضى ما سبق هناك عن ابن قبة من استحالة التعبد بغير العلم لاستلزامه تحليل الحرام وتحريم الحلال ، كون بطلان التصويب أظهر من نصب الطرق الظنية ، لوضوح ابتناء المحذور المذكور على عدم التصويب.
على أن منافاة الحكم الظاهري لو كانت ملزمة بالتصويب للزم البناء عليه في التعبد الظاهري بموضوعات الأحكام ، مع أن المحكي عن الفصول نفي الخلاف في عدمه فيها. فتأمل.
ومما ذكرنا يظهر ضعف الوجه الثاني للتصويب ، لصلوح ما سبق لرده ، لأن مقتضى إطلاق أدلة الأحكام الواقعية اشتراكها بين جميع المكلفين وعدم اختصاصها بمن يؤدي اجتهاده إليها.
كما أن ذلك هو مقتضى النصوص الاخرى المشار إليها آنفا. كما يظهر بأدنى تأمل.
بل هو مقتضى نصوص كثيرة اخرى ..
منها : ما تضمن أن من يقضي بالحق وهو لا يعلم فهو في النار (١) ، وأن من قال برأيه فأصاب لم يؤجر (٢) ، وأن من أخذ بالقياس كان ما يفسده أكثر مما يصلحه (٣) ، حيث فرض فيها إصابة الحق مع عدم اجتهاد معذر.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٤ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ٦ من أبواب صفات القاضي حديث : ٦ ، ٣٥.
(٣) لم أعثر على هذا المضمون عاجلا في الوسائل ، وإنما ذكره شيخنا الأعظم في أواخر التنبيه الثاني من شبهات دليل الانسداد عند الكلام في حكم القياس من الوجه السابع من وجوه الاستدلال عليه.