معتدا به تجدد القدرة على المتأخر مع حفظ المتقدم ، أو تجدد العجز عن المتأخر مع تفويت المتقدم ، ولذا قد يختار صاحب الغرض المتأخر لأدنى داع للتأخير أما مع أحد الاحتمالين فلا إشكال في وجوب الاحتياط بالمحافظة على المتقدم لاحتمال تحصيل كلا الغرضين في الأول ، وللحذر من فوتهما معا في الثاني ، لأن مرجع ذلك إلى الشك في مزاحمة المتأخر للمتقدم. إلا أن يكون اللاحق من الأهمية بمكان ، بحيث يقتضي الاحتياط له بتفويت الغرض بمجرد احتمال مزاحمته له ، ويختلف ذلك باختلاف مراتب الأهمية ومراتب قوة الاحتمال.
ومقتضى الوضع الطبعي الجري على ذلك في الأغراض المستتبعة للإرادة التشريعية ، لو لا ما أشرنا إليه عند الكلام في ترجيح محتمل الأهمية من أن الشك في المقام في المسقط المعذر عن امتثال التكليف مع تنجز احتماله ، بنحو يجب الاحتياط ما لم يعلم بالمعذرية.
وربما يكون التقدم منشأ للترجيح بنظر المولى تحفظا على تحصيل ما يمكن تحصيله بالفعل ، لأن احتمال تحصيل كلا الغرضين مع فعل الأول ، أو فوتهما مع تفويته وإن فرض عدم حصوله أو كان غير معتد به عند العقلاء ، ولذا لا يجرون عليه في الترجيح في إراداتهم التكوينية ـ كما سبق ـ إلا أن المولى قد يلزم بالترجيح تحفظا من الطوارئ غير المحتسبة لهم ، أو التي لا يعتدون باحتمالها ، لأن عدم احتمالهم لذلك أو عدم اعتنائهم باحتماله لا ينافي تحفظ المولى منه ، كما قد يتحفظ المولى من خطأ قطع المكلف ، ولا يتحفظ منه المكلف نفسه.
نعم ، مع إحراز أهمية المتأخر بنحو معتد به فلا إشكال في لزوم ترجيحه. وأما مع احتمال أهميته فالأمر لا يخلو عن إشكال ، لتزاحم الاحتياطين المقتضي للتخيير. ولا بد من التأمل التام في المقام ، لأن الأمور الوجدانية لما لم تكن