وبعضها تذكر سببا خاصا ، ولا مانع من وقوع الأمرين معا. قال الجصاص : والصحيح أنه لم يتقدم من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قول في الغنائم قبل القتال ، فلما فرغوا من القتال ، تنازعوا في الغنائم ، فأنزل الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) فجعل أمرها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أن يجعلها لمن شاء ، فقسمها بينهم على السواء (١).
وإحلال الغنائم مما اختص الله به الأمة الإسلامية ، فهي من خصائص الإسلام بدليل ما ثبت في الصحيحين عن جابر رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ـ فذكر الحديث إلى أن قال ـ وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي».
قال أبو عبيد : ولهذا سمي ما جعل الإمام للمقاتلة نفلا : وهو تفضيله بعض الجيش على بعض بشيء سوى سهامهم ، يفعل ذلك بهم على قدر الغناء (النفع) عن الإسلام ، والنكاية في العدو.
وفي التنفيل (إعطاء النفل لبعض المقاتلين تشجيعا على القتال) سنن أربع لكل منها موضع :
١ ـ لا خمس في النفل الذي هو السّلب ، أي ما يكون مع القتيل من سلاح ومال ومتاع.
٢ ـ النفل يكون من الغنيمة بعد إخراج الخمس المنصوص عليه في آية : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) [الأنفال ٨ / ٤١]. وهو أن يوجه الإمام السرايا في أرض الحرب ، فتأتي بالغنائم ، فيكون للسرية مما جاءت به الربع أو الثلث ، بعد الخمس الحديث رواه أحمد وأبو داود عن معن بن يزيد : «لا نفل إلا بعد الخمس».
٣ ـ النفل الذي يكون من الخمس نفسه : هو ما يخرجه الإمام من حصته ،
__________________
(١) أحكام القرآن : ٣ / ٤٥.