ولذلك عدّي باللام دون على.
والإسراع : جعل كناية عن المحبة والشوق إلى زيارتهم.
والمقصود من هذا الدعاء تأنيس مكانهم بتردد الزائرين وقضاء حوائجهم منهم.
والتنكير مطلق يحمل على المتعارف في عمران المدن والأسواق بالواردين ، فلذلك لم يقيده في الدعاء بما يدل على الكثرة اكتفاء بما هو معروف.
ومحبة الناس إياهم يحصل معها محبة البلد وتكرير زيارته ، وذلك سبب لاستئناسهم به ورغبتهم في إقامة شعائره ، فيؤول إلى الدعوة إلى الدين.
ورجاء شكرهم داخل في الدعاء لأنه جعل تكملة له تعرضا للإجابة وزيادة في الدعاء لهم بأن يكونوا من الشاكرين. والمقصود : توفر أسباب الانقطاع إلى العبادة وانتفاء ما يحول بينهم وبينها من فتنة الكدح للاكتساب.
(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨))
جاء بهذا التوجه إلى الله جامعا لما في ضميره ، وفذلكة للجمل الماضية لما اشتملت عليه من ذكر ضلال كثير من الناس ، وذكر من اتبع دعوته ومن عصاه ، وذكر أنه أراد من إسكان أبنائه بمكة رجاء أن يكونوا حراس بيت الله ، وأن يقيموا الصلاة ، وأن يشكروا النعم المسئولة لهم. وفيه تعليم لأهله وأتباعه بعموم علم الله تعالى حتى يراقبوه في جميع الأحوال ويخلصوا النية إليه.
وجملة (وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ) تذييل لجملة (إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) ، أي تعلم أحوالنا وتعلم كل شيء. ولكونها تذييلا أظهر فيها اسم الجلالة ليكون التذييل مستقلا بنفسه بمنزلة المثل والكلام الجامع.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩))
لما دعا الله لأهمّ ما يهمه وهو إقامة التوحيد وكان يرجو إجابة دعوته وأن ذلك ليس بعجب في أمر الله خطر بباله نعمة الله عليه بما كان يسأله وهو أن وهب له ولدين في إبان