(قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
جواب للبشارة لأنها تضمنت القول ، ولذلك جاء فعل (قالَ) مفصولا غير معطوف لأنه على طريقة المحاورات ، وكان بقية أبنائه قد دخلوا فخاطبهم بقوله : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) فبيّن لهم مجمل كلامه الذي أجابهم به حين قالوا : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] إلخ.
وقولهم : (اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) توبة واعتراف بالذنب ، فسألوا أباهم أن يطلب لهم المغفرة من الله. وإنما وعدهم بالاستغفار في المستقبل إذ قال : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) للدلالة على أنه يلازم الاستغفار لهم في أزمنة المستقبل. ويعلم منه أنه استغفر لهم في الحال بدلالة الفحوى ؛ ولكنه أراد أن ينبههم إلى عظم الذنب وعظمة الله تعالى وأنه سيكرر الاستغفار لهم في أزمنة مستقبلة. وقيل : أخّر الاستغفار لهم إلى ساعة هي مظنة الإجابة. وعن ابن عباس مرفوعا أنه أخر إلى ليلة الجمعة ، رواه الطبري. وقال ابن كثير : في رفعه نظر.
وجملة (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) في موضع التعليل لجملة (أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي).
وأكد بضمير الفصل لتقوية الخبر.
[٩٩ ، ١٠٠] (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (١٠٠))
طوى ذكر سفرهم من بلادهم إلى دخولهم على يوسف ـ عليهالسلام ـ إذ ليس فيه من العبر شيء.
وأبواه أحدهما يعقوب عليهالسلام وأما الآخر فالصحيح أن أم يوسف ـ عليهالسلام ـ وهي (راحيل) توفيت قبل ذلك حين ولدت بنيامين ، ولذلك قال جمهور المفسّرين : أطلق الأبوان على الأب زوج الأب وهي (ليئة) خالة يوسف ـ عليهالسلام ـ وهي التي تولت تربيته على طريقة التغليب والتنزيل.