أذنوا بسجنه إليها إذ لا يتعلق فيها الغرض من القصة.
والآيات : دلائل صدق يوسف ـ عليهالسلام ـ وكذب امرأة العزيز.
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦))
اتفق جميع القراء على كسر سين (السِّجْنَ) هنا بمعنى البيت الذي يسجن فيه ، لأنّ الدخول لا يناسب أن يتعلق إلا بالمكان لا بالمصدر.
وهذان الفتيان هما ساقي الملك وخبّازه غضب عليهما الملك فأمر بسجنهما. قيل : اتهما بتسميم الملك في الشراب والطعام.
وجملة (قالَ أَحَدُهُما) ابتداء محاورة ، كما دل عليه فعل القول. وكان تعبير الرؤيا من فنون علمائهم فلذلك أيّد الله به يوسف ـ عليهالسلام ـ بينهم.
وهذان الفتيان توسّما من يوسف ـ عليهالسلام ـ كمال العقل والفهم فظنّا أنه يحسن تعبير الرؤيا ولم يكونا علما منه ذلك من قبل ، وقد صادفا الصواب ، ولذلك قالا : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ، أي المحسنين التعبير ، أو المحسنين الفهم.
والإحسان : الإتقان ، يقال : هو لا يحسن القراءة ، أي لا يتقنها. ومن عادة المساجين حكاية المرائي التي يرونها ، لفقدانهم الأخبار التي هي وسائل المحادثة والمحاورة ، ولأنهم يتفاءلون بما عسى أن يبشرهم بالخلاص في المستقبل. وكان علم تعبير الرؤيا من العلوم التي يشتغل بها كهنة المصريين ، كما دل عليه قوله تعالى حكاية عن ملك مصر (أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [سورة يوسف : ٤٣] كما سيأتي.
والعصر : الضغط باليد أو بحجر أو نحوه على شيء فيه رطوبة لإخراج ما فيه من المائع زيت أو ماء. والعصير : ما يستخرج من المعصور سمي باسم محله ، أي معصور من كذا.
والخبز : اسم لقطعة من دقيق البر أو الشعير أو نحوهما يعجن بالماء ويوضع قرب النار حتى ينضج ليؤكل ، ويسمى رغيفا أيضا.
والضمير في (بِتَأْوِيلِهِ) للمذكور ، أو للمرئي باعتبار الجنس.