الاسم إذا اشتهر بصفة أو قصة صح إطلاقه وإرادة تلك الصفة أو القصة بحيث لو ظهرت لكانت مضافة إلى الاسم ، قال النابغة :
وليل أقاسيه بطيء الكواكب
أراد متاعب ليل لأن الليل قد اشتهر عند أهل الغرام بأنه وقت الشوق والأرق.
والشياطين قيل أريد بها شياطين الإنس أي المضللون وهو الظاهر. وقيل : أريدت شياطين الجن. وأل للجنس على الوجهين. وعندي أن المراد بالشياطين أهل الحيل والسحرة كما يقولون فلان من شياطين العرب وقد عد من أولئك ناشب الأعور أحد رجال يوم الوقيط.
وقوله : (تَتْلُوا) جاء بصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية على ما قاله الجماعة ، أو هو مضارع على بابه على ما اخترناه من أن الشياطين هم أحبارهم فإنهم لم يزالوا يتلون ذلك فيكون المعنى أنهم اتبعوا اعتقدوا ما تلته الشياطين ولم تزل تتلوه.
وسليمان هو النبي سليمان بن داود بن يسي من سبط يهوذا ولد سنة ١٠٣٢ اثنتين وثلاثين وألف قبل المسيح وتوفي في أورشليم سنة ٩٧٥ خمس وسبعين وتسعمائة قبل المسيح وولي ملك إسرائيل سنة ١٠١٤ أربع عشرة وألف قبل المسيح بعد وفاة أبيه داود النبي ملك إسرائيل ، وعظم ملك بني إسرائيل في مدته وهو الذي أمر ببناء مسجد بيت المقدس وكان نبيئا حكيما شاعرا وجعل لمملكته أسطولا بحريا عظيما كانت تمخر سفنه البحار إلى جهات قاصية مثل شرق إفريقيا.
وقوله : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) جملة معترضة أثار اعتراضها ما أشعر به قوله : (ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) من معنى أنهم كذبوا على سليمان ونسبوه إلى الكفر فهي معترضة بين جملة (وَاتَّبَعُوا) وبين قوله : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) إن كان (وَما أُنْزِلَ) معطوفا على (ما تَتْلُوا) وبين (اتَّبَعُوا) وبين (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ) إلخ إن كان (وَما أُنْزِلَ) معطوفا على السحر ، ولك أن تجعله معطوفا على (وَاتَّبَعُوا) إذا كان المراد من الشياطين أحبار اليهود لأن هذا الحكم حينئذ من جملة أحوال اليهود لأن مآله واتبعوا وكفروا وما كفر سليمان ولكنه قدم نفي كفر سليمان لأنه الأهم تعجيلا بإثبات نزاهته وعصمته ولأن اعتقاد كفره كان سبب ضلال للذين اتبعوا ما كتبته الشياطين فلا شك أن حكم الأتباع وحكم المتبوعين واحد فكان خبرا عن اليهود كذلك.