جالوت هما من أصحاب الشيخ أبي أحمد [جعفر](١) بن سيد بونة الخزاعي ، وهو من أصحاب الشيخ أبي مدين ، انتهى ، فكيف ينكر أبو حيان كرامات الصالحين وهو (٢) ينهى عن الطعن فيهم ، ويحكي كراماتهم ، نعم قول الصفدي قبل ذلك الكلام «إنه كان ينكر على فقراء الوقت» كلام صحيح في الجملة ، لكثرة الدعاوى الباطلة ممن ليس من أهل الصلاح ، وأما إنكار الكرامات مطلقا فمقام أبي حيان يجل عن ذلك (٣) ، والله تعالى أعلم.
وقد أورد ابن جماعة له من قطعة قوله في أهل عصره : [بحر الوافر]
ومن يك يدّعي منهم صلاحا |
|
فزنديق تغلغل في الضلال |
وأول هذه القطعة : [الوافر]
حلبت الدهر أشطره زمانا |
|
وأغناني العيان عن السؤال |
فما أبصرت من خلّ وفيّ |
|
ولا ألفيت مشكور الخلال |
ذئاب في ثياب قد تبدّت |
|
لرائيها بأشكال الرجال |
ومن يك يدعي منهم صلاحا |
|
فزنديق تغلغل في الضلال |
ترى الجهال تتبعه وترضى |
|
مشاركة بأهل أو بمال |
فينهب مالهم ويصيب منهم |
|
نساءهم بمقبوح الفعال |
ويأخذ حاله زورا فيرمي |
|
عمامته ويهرب في الرمال (٤) |
ويجرون التيوس وراء رجس |
|
تقرمط في العقيدة والمقال (٥) |
أي اعتقدوا رأي القرامطة ، ومذهبهم مشهور ، فلا نطيل به ، فظهر بما ذكر أن أبا حيان إنما أنكر على أهل الدعاوى ، لا على غيرهم ، والله تعالى أعلم.
وقد أورد قاضي القضاة ابن جماعة للشيخ أبي حيان من النظم غير ما قدمنا ذكره [وهو](٦) قوله : [بحر الطويل]
__________________
(١) هذا الاسم لا يوجد في ج.
(٢) في ب ، ه : «وهو يوصي على من ينهى عن الطعن فيهم».
(٣) في ب ، ه : «يجل عن إنكارها».
(٤) في ب : «وتأخذ حاله».
(٥) في الأصل : قرمط في خطوه : قارب ما بين قدميه. وتقرمط : تقارب. وهنا تقرمط : اعتقد رأي القرامطة.
(٦) في ب : «قدمنا ذكره قوله :».