تزيد سنوه وهو يزداد ضلة |
|
فها هو في ليل الضلالة عاكف (١) |
تطلّع صبح الشيب والقلب مظلم |
|
فما طاف منه من سنا الحق طائف (٢) |
ثلاثون عاما قد تولت كأنها |
|
حلوم تقضّت أو بروق خواطف |
وجاء المشيب المنذر المرء أنه |
|
إذا رحلت عنه الشبيبة تالف |
فيا أحمد الخوّان قد أدبر الصبا |
|
وناداك من سن الكهولة هاتف |
فهل أزق الطرف الزمان الذي مضى |
|
وأبكاه ذنب قد تقدم سالف |
فجد بالدموع الحمر حزنا وحسرة |
|
فدمعك ينبي أن قلبك آسف |
وقد وافق في أول هذه القطعة قول أبي الوليد بن الفرضي ، أو أخذه منه نقلا ، وتوفي في صدوره (٣) عن المشرق بمدينة قوص من صعيد مصر في عشر الخمسين وخمسمائة ، ودفن عند الجميزة التي في المقبرة التالية لسوق العرب ، وقال ابن عباد (٤) : إنه توفي سنة خمسين أو إحدى وخمسين بعدها ـ رحمه الله تعالى! ـ وقد نيف عن الستين.
٢٢٤ ـ ومنهم أبو العباس أحمد بن عمر ، المعافري ، المرسي.
وأصله من طلبيرة ، ويعرف بابن إفرند ، روى عن أبي الحسين الصفدي وغيره كالقاضي الحافظ أبي بكر بن العربي وأبي محمد الرشاطي وأبي إسحاق بن حبيش وغيرهم ، وله رحلة حج فيها ، ولقي أبا الفتح بن الزندانقاني ببلد بين سرخس ومرو من أصحاب أبي حامد الغزالي ، وأنشد عنه مما قاله في وداع إخوانه بالبيت المقدس : [بحر الطويل]
لئن كان لي من بعد عود إليكم |
|
قضيت لبانات الفؤاد لديكم (٥) |
وإن تكن الأخرى ولم تك أوبة |
|
وحان حمامي فالسلام عليكم (٦) |
وقد روى هذين البيتين أبو عمر بن عباد (٧) وابنه محمد عن ابن إفرند هذا ، وكان صالحا زاهدا متصوفا ، رحمه الله تعالى!.
٢٢٥ ـ ومنهم أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن عميرة بن يحيى ، الضبي.
من أهل لورقة ، رحل حاجّا ، وكان منقبضا زاهدا صواما قواما ، وأقرأ القرآن ، وأسمع
__________________
(١) ضلّة : ضلالا.
(٢) السنا : الضياء.
(٣) في ب : «في صدره».
(٤) في ب : «وقال ابن عياد».
(٥) اللبانات : جمع لبانة ، وهي الحاجة.
(٦) الحمام : الموت.
(٧) في ب ، ه : «ابن عياد».