امنن علينا رسول الله في كرم |
|
فإنك المرء ترجوه وننتظر |
امنن على بيضة قد عاقها قدر |
|
مشتّت شملها في دهرها غير (١) |
أبقت لنا الدهر هتّانا على حزن |
|
علا قلوبهم الغماء والغمر |
إن لم تداركهم نعماء تنشرها |
|
يا أرجح الناس حلما حين يختبر |
امنن على نسوة قد كنت ترضعها |
|
إذ فوك تملؤه من محضها الدرر |
إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها |
|
وإذ يريبك ما تأتي وما تذر |
لا تجعلنّا كمن شالت نعامته |
|
واستبق منا فإنا معشر زهر (٢) |
إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت |
|
وعندنا بعد هذا اليوم مدّخر |
فألبس العفو من قد كنت ترضعه |
|
من أمهاتك إن العفو مشتهر |
يا خير من مرحت كمت الجياد به |
|
عند الهياج إذا ما استوقد الشرر (٣) |
إنا نؤمل عفوا منك تلبسه |
|
هذي البرية إذ تعفو وتنتصر |
فاعف عفا الله عما أنت راهبه |
|
يوم القيامة إذ يهدي لك الظفر |
فلما سمع صلى الله عليه وسلم هذا الشعر قال : «ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم» فقالت قريش : ما كان لنا فهو لله ولرسوله ، وقالت الأنصار : ما كان لنا فهو لله ولرسوله ، قال أبو القاسم الطبراني : لا يروى عن زهير إلا بهذا الإسناد ، وتفرد به عبيد الله بن رماحس ، وبالإسناد إلى الطبراني أنبأنا جعفر بن حميد بن عبد الكريم بن فرّوخ بن ديزج بن بلال بن سعد الأنصاري الدمشقي ، قال : حدثني جدي لأمي عمر بن أبان بن مفضل بن أبان المدني ، قال : أراني أنس بن مالك الوضوء : أخذ ركوة (٤) فوضعها عن يساره ، وصبّ على يده اليمنى فغسلها ثلاثا ، ثم أدار الركوة عن يده اليمنى وصبّ على يساره فغسلها ثلاثا وثلاثا ومسح برأسه ثلاثا وأخذ ماء جديدا لصماخيه (٥) فمسح صماخيه ، فقلت له : قد مسحت أذنيك ، فقال : يا غلام ، هل رأيت وفهمت أو أعيد عليك؟ فقلت : قد كفاني ، وقد فهمت ، قال : فكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، قال الطبراني : لم يرو عمر بن أبان عن أنس حديثا غير هذا ، وبالإسناد
__________________
(١) غير الدهر : أحداثه المتغيرة ، مصائبه.
(٢) شالت نعامة القوم : تفرقت كلمتهم. وشالت نعامته : غضب ثم سكن.
(٣) كمت الجياد : جمع كميت ، وهو الفرس بين الأسود والأحمر.
(٤) الركوة : شبه دلو صغير.
(٥) الضماخ : خرق الأذن الباطن الذي يؤدي إلى الرأس.