تدل على نبوته ، منها شريعته وسيرته ، ومنها القرآن ببلاغته وتعاليمه وحقائقه واخباره بالغيب ، ومن هذا الاخبار قصة يوسف بتفاصيلها ، كما ذكرنا في الآية ١٠٢ من هذه السورة.
وقد كان النبي (ص) حريصا على إيمان الناس وهدايتهم ، بخاصة قومه من قريش ، ولكن الأكثر منهم لم يستجيبوا لدعوة الله ، اما حرصا على منافعهم الخاصة كالرؤساء والأقوياء ، واما جهلا وتقليدا كالضعفاء والتابعين ، وفي هذه الآية قال سبحانه لنبيه الكريم : انك لا تهدي من أحببت على رغم إخلاصك ومعجزاتك ، وأنت في غنى عنهم وعن إيمانهم (وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ). وضمير هو يعود الى القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم ، ويوجه العقول الى آيات الله ودلائل عدله ووحدانيته ، يهدي ويوجه بلسان الرسول الأعظم (ص) بلا مال ولا جعل.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ). كأنّ الله تعالى يقول لنبيه هوّن عليك إذا لم يؤمنوا بك وبدلائل نبوتك فإنهم قد كفروا بي وأنا خالقهم ورازقهم. وقد ملأت الكون وأنفسهم بالدلائل على عظمتي وقدرتي ، ومع هذا اعرضوا عنها وكفروا بي وبها ، وهي بمرأى منهم ومسمع فلا عجب إذا كفروا بك ، وأعرضوا عنك وعما أظهرته على يدك من الآيات والمعجزات ..
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ). هذه الآية جواب عن سؤال مقدر حول الآية السابقة ، وهي : «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين». ومحصل السؤال : كيف قال سبحانه : وما أكثر الناس بمؤمنين مع العلم بأن العرب وأهل الكتاب يقرون بوجود الخالق ، وقد كانوا أكثر الناس يومذاك؟. بل ان القرآن يعترف صراحة بذلك ، حيث قال في الآية ٦١ من سورة العنكبوت : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ). فأجاب سبحانه عن هذا السؤال المقدر بقوله : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ). أي انهم يقرون بوجود الخالق ، ولكن أكثرهم يجعل له شريكا ، فاليهود أو طائفة منهم يقولون : لله ولد هو عزير. والنصارى يقولون : بل