لله ، ولكن هؤلاء يقولون : لا إمرة الا لله .. وانه لا بد للناس من أمير بر ، أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن ، ويستمتع فيها الكافر». أي ان حق التشريع لله وحده ، وعلى الناس أن يطبّقوا ما شرعه الله ، والذي يحملهم على هذا هو هذا الأمير ، والخوارج خلطوا بين مصدر الشريعة ، وبين من يطبّقها ويزاولها ، ولم يميزوا بين الاثنين.
(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ). ذلك اشارة الى حصر التشريع والعبادة بالله ، والمعنى ان الدين المستقيم الذي لا عوج فيه هو الذي يخص الله وحده بالتشريع والعبادة ، وليس لأي انسان أن يستعبد الناس ، أو يشرع لهم الأحكام والحلال والحرام ، فالكل حتى الأنبياء عبيد لله يعملون بأمره ونهيه ، ومعنى هذا ان كل الناس خلقوا اخوة متساوين ، وقد منحهم خالقهم حقوقا انسانية أبدية لا تقبل التبديل أو التعديل ، وأظهر هذه الحقوق الحياة والحرية والسعي الى السعادة ، ومن وقف في طريق حق منها فهو أعدى أعداء الله ودينه وشريعته.
(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ (٤١) وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢))