أو بتخفيف العذاب عنه في الآخرة. وسبق الكلام عن ذلك بعنوان : «الكافر وعمل الخير» عند تفسير الآية ١٧٨ من سورة آل عمران ج ٢ ص ٢١١.
٣ ـ اختلفوا في الحياة الطيبة التي ذكرها سبحانه بقوله : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً). اختلفوا : هل تحصل هذه الحياة في الدنيا أو في الآخرة؟ .. وغريب ان يختلف المفسرون في ذلك ، وهم يشاهدون بالحس والعيان ان الدنيا جنة الكافر ، وسجن المؤمن ، ويتلون بل يشرحون قوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) ـ ٣٥ الزخرف». ومن أجل هذا نرجح ان المراد بالحياة الطيبة هنا الجنة ، وان قوله : ولنجزينهم أجرهم الخ عطف تفسير على قوله : فلنحيينه وتأكيد له ، ومثله قوله تعالى : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) ـ ١٠٥ النحل».
(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ). الخطاب للنبي (ص) ، والتكليف للعموم ، والمعنى ان من أراد ان يقرأ القرآن فليقل قبل القراءة : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وفي تفسير الرازي ان مالكا وداود الظاهري قالا : الاستعاذة بعد قراءة القرآن ، لا قبلها جمودا على ظاهر اللفظ ، ومهما يكن فان الاستعاذة من الشيطان قبل القراءة أو بعدها مستحبة ، وليست واجبة بالاتفاق.
(إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ). ضمير انه ليس له يعود الى الشيطان ، أما ضمير به مشركون فيجوز أن يعود على ربهم لتقدم ذكره ، ويجوز أن يعود على الشيطان ، على معنى انهم أشركوا بسبب طاعتهم للشيطان ، والمعنى ان الشيطان لا سبيل له على الإنسان إلا بالوسوسة والإغراء بفعل الحرام ، ولا يستجيب له الا ضعاف القلوب والايمان. وتقدم نظيره مع التفسير في الآية ٢٢ من سورة ابراهيم والآية ٣٩ وما بعدها من سورة الحجر.
(وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ