مع الطغاة ، ولا يختص هذا الوصف بالكافرين والمشركين ، فان كثيرا من المسلمين يكذبون ويخونون ويتآمرون مع أعداء الله والوطن على عيال الله ومقدّراتهم .. وهؤلاء شر مكانا من الكافرين وأضل سبيلا. وقوله تعالى : في ضلال بعيد معناه انهم أمعنوا في الضلال والفساد ، حتى بلغوا غايته.
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) فيفهموا عنه ، وتتحقق الغاية من رسالته ، ولو وجدت لغة انسانية عامة تفهمها جميع القوميات لأرسل بها محمد (ص) لأنه رسول الله الى الناس جميعا في كل زمان ومكان .. وينبغي التنبه الى الفرق بين قوله تعالى : وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ، وبين القول : ما أرسلنا رسولا الا الى أهل لغته ، فالصيغة الأولى لا تمنع ان يكون الرسول عاما ، ولغته خاصة ، على عكس الصيغة الثانية ، حيث تحصر رسالة الرسول بقومه وحدهم .. انظر تفسير الآية ٢ من سورة يوسف.
(فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). أرسل الله رسله الى عباده لانقاذهم من الجهالة والضلالة ، فمن استمع وأطاع فهو المهتدي ، ومن أعرض وعصى فهو الضال ، فالهداية ـ اذن ـ تقاس بطاعة الله ، والضلال بمعصيته .. ولو ان الله لم يشرع أحكاما ، ولم يرسل رسلا لتبليغها لما كانت الطاعة والمعصية ولا الهدى والضلال ، ولكنه تعالى شرّع وأرسل ، فنتج عن ذلك الطاعة والمعصية والهدى والضلال ، وبهذا الاعتبار صحت نسبة الهدى والضلال اليه جلت حكمته. أنظر ج ١ ص ٧٠ وج ٢ ص ٣٩٩.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ