أو يتبنوه ، لأن العزيز كان عقيما ، لا ولد له ، كما قال أكثر المفسرين. والآية تومئ الى ذلك (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً).
(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ). أنعم الله على يوسف بالنجاة من كيد اخوته وإخراجه من البئر ، ثم بجعله في بيت العزيز ، بيت الجدة والرفاه ، وبتمكنه في قلب صاحب البيت ، ثم بتعليمه حقائق الأمور ، ومنها تعبير الرؤيا ، وهذه النعم وما اليها قد رفعت من شأن يوسف عند الناس ، وجعلته محلا لثقة الجميع واحترامهم ، ومهدت له أن يتولى خزائن الأرض في مصر ، وان يقول له ملكها : «انك اليوم لدينا مكين أمين».
(وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ). أراد اخوة يوسف له الشر ، وأراد الله له الخير «إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون». (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ان الأمر لله وحده ، وان من طغى وبغى مغترا بحوله وطوله أخذه الله من مأمنه أخذ عزيز مقتدر.
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً). بلغ أشده أي اشتد واستكمل قوته جسما وعقلا ، وفي الغالب يبدأ هذا الاشتداد ببلوغ المرء سن الثلاثين ، ويستمر الاشتداد الجسمي حتى الأربعين ، وفي هذه المدة يتم الاستعداد للنبوة وتلقي الوحي ، والمراد بالحكم هنا الحكمة ، وهي وضع الشيء في موضعه ، ومنها وآتيناه الحكم صبيا ، والمعنى ان يوسف بعد أن استكمل الرشد منحه الله العلم ، ووفقه الى العمل به. وقيل : المراد بالعلم هنا النبوة ، وليس هذا ببعيد لأن يوسف من الأنبياء (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ). لقد أحسن يوسف بصبره وطاعته لله ، فأحسن الله اليه ، لأنه تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا.
(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣))