الثلاث تخفيفا. وأرأيتم معلقة عن العمل لوجود ان الشرطية. وغير قال أبو البقاء في كتاب «الاملاء» : الأقوى ان غير هنا استثناء في المعنى ومفعول ثان لتزيدوني.
المعنى :
(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ). مر بالحرف الواحد في سورة الأعراف الآية ٧٣ ج ٣ ص ٣٤٩. ونظيره ما قاله هود في الآية ٥٠ من سورته. وهذه هي دعوة جميع الأنبياء التي لا تتغير ولا تتعدل من عصر الى عصر.
(هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ). ما من حي إنسانا كان أو حيوانا أو نباتا الا وينتمي في أصله الى الأرض ، مباشرة أو بالواسطة ، واليها يعود (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) استعمل القرآن الكريم هذه الكلمة ، أي الاستعمار ، استعملها في احياء الأرض وتعميرها ، وهذا المعنى من أحسن المعاني وأكملها ، أما اليوم فإن هذه الكلمة تستعمل في الظلم والطغيان ، واستعباد الشعوب المستضعفة ، وهو من أقبح المعاني وأسوأها .. أنظر فقرة «الله أصلح الأرض ، والإنسان أفسدها» ج ٣ ص ٣٤٠ (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ). هذا بالحرف ما قاله هود لقومه في الآية ٥٢ من هذه السورة ، وعند تفسيرها بيّنا الفرق بين طلب الغفران والتوبة (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) قريب ممن أخلص في عمله ، مجيب لمن استجاب لدعوته.
(قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا) النهي عن عبادة الأوثان ، أما الآن وبعد ان نهيتنا عن الأوثان فقد خاب فيك الظن (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) .. ان هذا لشيء عجاب .. لقد عبدوها أجيالا وقرونا ، وقرّبوا لها القرابين ، وما نهاهم أحد عنها ، فكيف يستجيبون لدعوته؟ .. (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ). هذا هو منطق الجهل في كل زمان ومكان .. كل شيء الا العادات والتقاليد.
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ). قالوا لصالح (ع) : نحن في شك من أمرك. فقال لهم :