صفة لساعة ، وجملة
كأنهم وما بعدها حال من ضمير يحشرهم ، أي مشبهين من لم يلبث إلا ساعة. وإنما مركبة
من كلمتين ان الشرطية وما الزائدة ، وجواب الشرط فإلينا مرجعهم. وثم هنا للترتيب
لفظا ، لا معنى.
المعنى :
(وَيَوْمَ
يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ). قوله : ساعة من النهار كناية عن ان الحياة وان طالت وطابت
فهي قصيرة الأمد ، لأنها إلى فناء .. وأقوال الناس في ذم الدنيا نثرا وشعرا تستغرق
مجلدات .. وغريبة الغرائب انهم يجمعون قولا على ذمها ، وعملا على حبها ، فيجمعون
بين الذم وحب المذموم. بل لو ردوا الى الدنيا بعد الموت وأهواله لعادوا لما نهوا
عنه ، وان دل هذا على شيء فإنما يدل على ان الرجال لا تعرف بالأقوال.
(يَتَعارَفُونَ
بَيْنَهُمْ). ظاهر اللفظ يدل على ان المجرمين يعرف بعضهم بعضا يوم
الحشر ، وبالأولى الطيبون.
وتسأل : ألا
يتنافى هذا بظاهره ، مع قوله تعالى : (يَوْمَ تَرَوْنَها
تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) ـ ٢ الحج»؟.
الجواب : فرق بين
يوم النشر والحشر ، وبين يوم القيامة الذي هو عبارة عن خراب الكون ودماره ، وآية
الحج تحكي حال الناس يوم القيامة ، وقوله تعالى : (يَتَعارَفُونَ
بَيْنَهُمْ) يحكي حالهم يوم الحشر .. هذا ، إلى أن مواقف الحشر كثيرة
يملك الناس ادراكهم في موقف بخاصة عند الحساب ، ويفقدونه في مواقف ، كما لو عرضوا
على النار (قَدْ خَسِرَ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ). كل من عمل لشيء لا وجود له ، أو أهمل ولم يعمل للشيء
الموجود الذي يرتبط بكيانه ومصيره ـ فهو من الضالين الخاسرين. وهذه حال من عمل للدنيا
دون الآخرة ، سواء أكذّب بها ، أم صدق ولم يعمل لها.
(وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ
بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ). الخطاب في نرينك ونتوفينك للنبي (ص) ، وضمير نعدهم
ومرجعهم للذين كذّبوا بنبوته ،